الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 146 ] فصل في كيفية القسمة ( المعتبر في الاستحقاق ) لسهم فارس وراجل ( وقت المجاوزة ) أي الانفصال من دارنا وعند الشافعي وقت القتال ( فلو دخل دار الحرب فارسا فنفق ) أي مات ( فرسه استحق سهمين ، ومن دخل راجلا فشرى فرسا استحق سهما ولا يسهم لغير فرس واحد ) صحيح كبير ( صالح لقتال ) فلو مريضا إن صح قبل الغنيمة استحقه استحسانا لا لو مهرا فكبر تتارخانية ، وكأن الفرق حصول الإرهاب بكبير مريض لا بالمهر ولو غصب فرسه قبل دخوله أو ركبه آخر أو نفر ودخل راجلا ثم أخذه - [ ص: 147 ] فله سهمان لا لو باعه ولو بعد تمام القتال فإنه يسقط في الأصح ; لأنه ظهر أن قصده التجارة فتح وأقره المصنف لكن نقل في الشرنبلالية عن الجوهرة والتبيين ما يخالفه وفي القهستاني : لو باعه في وقت القتال فراجل على الأصح ولو بعد تمام القتال فارس بالاتفاق انتهى فتنبه ولتحفظ هذه القيود خوف الخطأ في الإفتاء والقضاء

التالي السابق


مطلب مخالفة الأمير حرام .

فصل في كيفية القسمة .

لما فرغ من بيان الغنيمة شرع في بيان قسمتها وأفردها بفصل لكثرة شعبها وهو جعل النصيب الشائع معينا نهر . قال في الملتقى : وينبغي للإمام أن يعرض الجيش عند دخول دار الحرب ليعلم الفارس من الراجل قال [ ص: 146 ] في شرحه : وأن يكتب أسماءهم وأن يؤمر عليهم من كان بصيرا بأمور الحرب وتدبيرها ولو من الموالي وعليهم طاعته ; لأن مخالفة الأمير حرام إلا إذ اتفق الأكثر أنه ضرر فيتبع . ا هـ . ( قوله المعتبر في الاستحقاق ) أي استحقاق الغانمين لأربعة أخماس الغنيمة ، ; لأن خمسها يخرجه الإمام لله تعالى كما سيجيء قال تعالى : - { فأن لله خمسه وللرسول } - در منتقى ( قوله وقت المجاوزة ) برفع وقت على أنه خبر المبتدأ ( قوله أي الانفصال من دارنا ) أي مجاوزة الدرب وهو الحد الفاصل بين دار الإسلام ودار الحرب نهر ( قوله فلو دخل دار الحرب فارسا ) هو من معه فرس ، ولو في سفينة كما في الشرنبلالية عن الاختيار وغيره ، ; لأنه تأهب للقتال على الفرس والمتأهب للشيء كالمباشر له .

( قوله فنفق ) كفرح ونصر نفد وفني قاموس ط وشمل ما لو قتل فرسه رجل وأخذ منه القيمة كما في البحر ، ومثله ما لو أخذه العدو كما في شرح السير واحترز به عما لو باعه قبل القتال فإنه يستحق سهم راجل كما يأتي ( قوله استحق سهمين ) سهم لنفسه وسهم لفرسه ، وهذا عنده وعندهما ثلاثة أسهم له سهم ولفرسه سهمان ; لأنه عليه الصلاة والسلام فعل ذلك على ما رواه البخاري وغيره ، وحمله أبو حنيفة على التنفيل توفيقا بين الروايات ملتقى وشرحه ، وإذا كان حديث في البخاري وحديث آخر في غيره رجاله رجال الصحيح أو رجال روى عنهم البخاري كان الحديثان متساويين والقول بأن الأول أصح تحكم لا نقول به مع أن الجمع وإن كان أحدهما أقوى أولى من إبطال الآخر وتمامه في الفتح .

( قوله ولا يسهم لغير فرس واحد ) وعند أبي يوسف يسهم لفرسين ، وما روي فيه يحمل على التنفيل أيضا در منتقى ( قوله صالح للقتال ) اعترض بأن هذا يغني عن قوله صحيح كبير ، وفيه أنه لا يلزم من كونه صحيحا كبيرا صلاحيته للقتال لجواز كونه حرونا أو لا يجري فلا يصلح للكر والفر أفاده ط لكن مراد المتعرض أن كلام المتن يغني عما زاده الشارح ، فالأولى الجواب بأنه زاد ذلك تفسيرا لقول المتن صالح للقتال نعم كان الأولى تأخيره عنه كما فعله في الشرنبلالية فافهم .

[ تنبيه ] يشترط في الفرس أن لا يكون مشتركا فلا سهم لفرس مشترك للقتال عليه ، إلا إذا استأجر أحد الشريكين حصة الآخر قبل الدخول در منتقى ، واستفيد منه أنه لا يشترط أن يكون الفرس ملكه فيشمل المستأجر والمستعار وكذا المغصوب كما يأتي ( قوله لا لو مهرا فكبر ) أي بأن طال المكث في دار الحرب ، حتى بلغ المهر وصار صالحا للركوب فقاتل عليه لا يستحق سهم الفرسان بحر ( قوله وكأن الفرق إلخ ) هو لصاحب البحر ، ولا يظهر إذا كان المرض بينا أفاده ط . قلت : وقد ذكر الفرق الإمام السرخسي ، وهو أن المريض كان صالحا للقتال عليه إلا أنه تعذر لعارض على شرف الزوال فإذا زال صار كأن لم يكن بخلاف المهر فإنه ما كان صالحا ، وإنما صار صالحا في دار الحرب ويوضحه أن الصغيرة لا نفقة لها على زوجها ; لأنها لا تصلح لخدمة الزوج بخلاف المريضة ; لأنها كانت صالحة ولكن تعذر ذلك لعارض ا هـ ملخصا ( قوله قبل دخوله ) أي في الحد الفاصل بين دارنا ودار الحرب ( قوله ثم أخذه ) أي في المسائل المذكورة : أي أخذه قبل القتال فله سهمان استحسانا ; لأنه التزم مؤنة الفرس من حين خروجه من [ ص: 147 ] أهله وقاتل عليه ، فلا يحرم سهمه بعارض غصب ونحوه فيما بين ذلك أما لو قاتل عليه الغاصب حتى غنموا وخرجوا فله سهم الفارس إذ لا فرق بين الفرس المغصوب والمملوك ، ولصاحب الفرس سهم راجل إلا إذا أصابوا غنائم بعد أخذه فرسه فله منها سهم فارس ، وللغاصب سهم راجل كما لو كان الغصب بعد دخول دار الحرب وتمامه في شرح السير ( قوله فله سهمان ) وكذا لو جاوزه أي جاوز الدرب مستأجرا أو مستعيرا وحضر به أي حضر به الوقعة وكذا الغاصب .

لكن يستحقه من وجه محظور فيتصدق به جوهرة . وفي المنح : لو رجع الواهب فالموهوب له فارس فيما أصابه قبل الرجوع وراجل فيما أصابه بعده والراجع راجل مطلقا . ا هـ . در منتقى أي ; لأنه جاوز الدرب راجلا باختياره كالمؤجر والمعير بخلاف المغصوب منه ( قوله لا لو باعه ) أي باختياره فلو مكرها فله سهم فارس ، كما في البحر وكالبيع ما لو رهنه أو آجره أو وهبه بحر ( قوله ولو بعد تمام القتال ) تبع في هذا المصنف حيث قال وفي فتح القدير لو باعه بعد الفراغ من القتال لا يسقط عند البعض ، قال المصنف : يعني صاحب الهداية الأصح أنه يسقط ; لأنه ظهر أن قصده التجارة ا هـ وهو غلط في النقل ، عن الفتح وهذه عبارة الفتح ولو باعه بعد الفراغ من القتال لم يسقط سهم الفارس بالاتفاق ، وكذا إذا باعه حال القتال لا يسقط عند البعض قال المصنف الأصح أنه يسقط ; لأنه ظهر أن قصده التجارة ا هـ ومثله في التبيين والجوهرة وعبارة القهستاني موافقة له فلا معنى للاستدراك ا هـ ملخصا . قلت : والظاهر أنه سقط من نسخة المصنف ما بين لفظتي القتال ، فحصل الاختلال فاستدراك الشارح عليه في محله . نعم كان الأولى له مراجعة عبارة الفتح فافهم ( قوله ولتحفظ هذه القيود ) أي المذكورة في قوله ولا يسهم لغير فرس واحد صحيح كبير صالح للقتال ، كما هو صريح عبارته في شرحه على الملتقى ، وأصل ذلك للمصنف فإنه بعد أن قيد المتن بقوله : صالح للقتال قال : إن صاحب الكنز وغيره من أصحاب المتون أخل بما ذكرنا من القيد وإن العجب من أصحاب المتون فإنهم يتركون في متونهم قيودا لا بد منها : وهي موضوعة لنقل المذهب ، فيظن من يقف على مسائله الإطلاق ، فيجري الحكم على إطلاقه ، وهو مقيد فيرتكب الخطأ في كثير من الأحكام في الإفتاء والقضاء ا هـ فافهم




الخدمات العلمية