الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 351 ] فصل في مروره صلى الله عليه وسلم بوادي القرى ومحاصرته قوما من اليهود ، ومصالحة يهود تيماء على ما ذكره الواقدي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الواقدي : حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر إلى وادي القرى ، وكان رفاعة بن زيد بن وهب الجذامي قد وهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبدا أسود يقال له : مدعم . وكان يرحل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما نزلنا بوادي القرى انتهينا إلى يهود ، وقدم إليها ناس من العرب ، فبينا مدعم يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد استقبلتنا يهود بالرمي حين نزلنا ، ولم نكن على تعبية ، وهم يصيحون في آطامهم ، فيقبل سهم عائر ، فأصاب مدعما فقتله ، فقال الناس : هنيئا له بالجنة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " كلا والذي نفسي بيده ، إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم ، لتشتعل عليه نارا " . [ ص: 352 ] فلما سمع بذلك الناس ، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراك أو شراكين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " شراك من نار أو شراكان من نار وهذا الحديث في " الصحيحين " من حديث مالك ، عن ثور بن يزيد ، عن أبي الغيث ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الواقدي : فعبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه للقتال وصفهم ، ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة ، وراية إلى الحباب بن المنذر ، وراية إلى سهل بن حنيف ، وراية إلى عباد بن بشر ، ثم دعاهم إلى الإسلام ، وأخبرهم أنهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم وحقنوا دماءهم ، وحسابهم على الله . قال : فبرز رجل منهم ، فبرز إليه الزبير بن العوام فقتله ، ثم برز آخر فبرز إليه علي فقتله ، ثم برز آخر ، فبرز إليه أبو دجانة فقتله ، حتى قتل منهم أحد عشر رجلا كلما قتل منهم رجل ، دعا من بقي منهم إلى الإسلام ، ولقد كانت الصلاة تحضر ذلك اليوم ، فيصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ، ثم يعود فيدعوهم إلى الإسلام وإلى الله عز وجل ورسوله ، وقاتلهم حتى أمسوا ، وغدا عليهم ، فلم ترتفع الشمس قيد رمح حتى أعطوا بأيديهم ، وفتحها عنوة ، وغنمهم الله أموالهم ، وأصابوا أثاثا ومتاعا كثيرا ، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي القرى أربعة أيام ، فقسم ما أصاب على أصحابه ، وترك الأرض والنخيل في أيدي اليهود [ ص: 353 ] وعاملهم عليها ، فلما بلغ يهود تيماء ما وطئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وفدك ووادي القرى ، صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجزية ، وأقاموا بأيديهم أموالهم ، فلما كان عمر أخرج يهود خيبر وفدك ، ولم يخرج أهل تيماء ووادي القرى ، لأنهما داخلتان في أرض الشام ، ويرى أن ما دون وادي القرى إلى المدينة حجاز ، وما وراء ذلك من الشام . قال : ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا إلى المدينة بعد أن فرغ من خيبر ووادي القرى ، وغنمه الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الواقدي : حدثني يعقوب بن محمد ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة ، عن الحارث بن عبد الله بن كعب ، عن أم عمارة ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجرف وهو يقول : لا تطرقوا النساء بعد صلاة العشاء قالت : فذهب رجل من الحي ، فطرق أهله فوجد ما يكره ، فخلى سبيله ولم يهجه ، وضن بزوجته أن يفارقها ، وكان له منها أولاد ، وكان يحبها ، فعصى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى ما يكره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية