الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            باب التيمم

                                                                                                                            هو في اللغة : القصد ، تقول : تيممت فلانا ويممته وأممته : أي قصدته ومنه قوله تعالى { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } وقوله تعالى { فتيمموا صعيدا طيبا } وفي الشرع عبارة عن إيصال التراب إلى الوجه واليدين بشرائط مخصوصة ، وهو من خصوصيات هذه الأمة وهو رخصة لا عزيمة وصحته بالتراب المغصوب لكونه آلة الرخصة [ ص: 264 ] لا المجوز لها ، والممتنع إنما هو كون سببها المجوز لها معصية .

                                                                                                                            وفرض سنة أربع ، وقيل سنة ست ، وأجمعوا على أنه مختص بالوجه واليدين وإن كان حدثه أكبر .

                                                                                                                            والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى { وإن كنتم مرضى أو على سفر } الآية ، وخبر مسلم { جعلت لنا الأرض كلها مسجدا وتربتها طهورا } وبقية ما يأتي من الأخبار الآتية في الباب .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            باب التيمم

                                                                                                                            ( قوله : عن إيصال التراب ) عبر به لما يأتي من أنه لو سفته ريح عليه فردده ونوى لم يكف ( قوله : بشرائط ) هي جمع شريطة ، قال في المختار : الشرط معروف وجمعه شروط وكذا الشريطة : أي معروفة وجمعها شرائط انتهى .

                                                                                                                            وليس منها أن يكون في الوجه واليدين لكون ذلك من الأركان ( قوله : وهو رخصة ) أي مطلقا : أي سواء كان الفقد حسا أو شرعا ، لأن الرخصة هي الحكم المتغير إليه السهل لعذر مع قيام السبب للحكم الأصلي ، وقيل عزيمة ، وقيل إن كان للفقد الحسي فعزيمة وإلا فرخصة ، وهذا الثالث هو الأوفق بما يأتي من صحة تيمم العاصي بالسفر قبل التوبة إن فقد الماء حسا وبطلان تيممه قبلها إن فقده شرعا كأن تيمم لمرض .

                                                                                                                            ( قوله : وصحته بالتراب إلخ ) [ ص: 264 ] جواب سؤال مقدر تقديره : قلتم إن التيمم رخصة والرخص لا تناط بالمعاصي فكيف يصح بالتراب المغصوب ؟ فأجاب بأن معنى قولهم الرخص لا تناط بالمعاصي أن لا يكون سببها معصية ، والتراب ليس سبب التيمم بل فقد الماء وإنما التراب آلة تجوزه ، لكن يرد عليه العاصي بسفره ، فإن الأصح صحة تيممه مع أن سبب التيمم فيه وهو السفر الذي هو مظنة الفقد المجوز له معصية ( قوله : وفرض ) أي شرع .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 263 ] باب التيمم ( قوله : له بشرائط مخصوصة ) المراد بالشرائط هنا ما لا بد منه ( قوله : وهو رخصة لا عزيمة ) قيل يرد عليه صحة [ ص: 264 ] تيمم العاصي عند فقد الماء كما يأتي ، وهو مردود بأن المعصية ليست سبب الرخصة ، وإنما السبب فقد الماء بدليل أنه يستوي فيه المسافر والمقيم




                                                                                                                            الخدمات العلمية