الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الثالث : في أكل المحرم من الصيد ، وفي ( الكتاب ) : إن أكل من لحم صيد صاده ليس عليه جزاء آخر ولا قيمة ما أكل ، وقاله ( ش ) وابن حنبل ، وقال ( ح ) : عليه جزاء ما أكل ; لأنه فعل محرم في الصيد كالقتل . لنا : القياس على صيد الحلال وصيد الحرم وما ذبح من أجله بأمره أو بغير أمره فلا يأكله محرم ولا حلال ذبحه حلال أو حرام ; لأن للمحرم مشاركة فأشبه مشاركة البازي المعلم لغير المعلم ، قال سند : وذكاة المحل من غير إعانة المحرم وأمره مبيحة للمحرم ، ومنعه قوم لقوله تعالى : ( وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ) [ المائدة 96 ] وفي أبي [ ص: 329 ] داود أنه عليه السلام أهدي إليه عضد صيد فلم يقبله . وقال إنا حرم ، والجواب عن الأول : أن الصيد مصدر فهو فعل الصائد لا المصيد ، وعن الثاني : أنها واقعة عين فلعله - عليه السلام - فهم أنه صيد من أجله ، ويعضده قوله - عليه السلام - في أبي داود : ( صيد البر لكم حلال ، ما لم تصيدوه أو يصاد لكم - زاد الترمذي - وأنتم حرم ) قال : وسواء في التحريم ذبحه ليهدى له أو يباع منه لوجود القصد ، فإن أكل وعلم ، قال مالك : عليه جزاء الصيد كله ; لأن الصيد إنما حرم اصطياده لأكله فهو مقصود الجناية فأولى بترتب الجابر ، وقال أصبغ و ( ح ) : لا شيء عليه ; لأنه أكل ميتة ، والميتة لا جزاء لها ، وقال ( ش ) : عليه من الجزاء بقدر ما أكل منه . لنا : أنه كفارة ، والكفارة لا تتبعض ، وروي عن مالك أن الحلال إذا أكل منه فلا شيء عليه لقول عثمان رضي الله عنه : كلوا إنما صيد من أجلي ، وإذا أكل منه محرم غير المقصود به عالما بذلك فعلى القول بوجوب الجزاء على المقصود بذلك بوجوب الجزاء على المختلف بوجوب الجزاء ، واختلف في هذا فروي عن مالك لا شيء عليه ، وقاله ابن القاسم ، وروي الجزاء فإن صيد من أجله قبل أن يحرم : كره له أكله بعد الإحرام مرة ، وأجازه أخرى ، ولو صيد من أجله وهو محرم ولم يأكله حتى حل ، قال ابن القاسم : أكله مكروه ولا جزاء عليه إن فعل ، ومعناه أنه لم يذبح حتى حل ، قال سند : وفي تحريم البيض على الحلال إذا أصابه المحرم نظر ; لأن البيض لا يفتقر إلى ذكاة ، والظاهر جوازه ويلزم على قول ابن القاسم لا يأكل المحرم بيضا شوي من أجله ، وأن يكفر إذا أكله .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية