الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون ( 54 ) )

يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين وصفت صفتهم ( يؤتون ) ثواب عملهم ( مرتين بما صبروا ) .

واختلف أهل التأويل في معنى الصبر الذي وعد الله ما وعد عليه ، فقال بعضهم :

وعدهم ما وعد جل ثناؤه بصبرهم على الكتاب الأول ، واتباعهم محمدا صلى الله عليه وسلم ، وصبرهم على ذلك . وذلك قول قتادة ، وقد ذكرناه قبل .

وقال آخرون : بل وعدهم بصبرهم بإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث ، وباتباعهم إياه حين بعث ، وذلك قول الضحاك بن مزاحم ، وقد ذكرناه أيضا قبل ، وممن وافق قتادة على قوله : عبد الرحمن بن زيد .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب . قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( إنا كنا من قبله مسلمين ) على دين عيسى ، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أسلموا ، فكان لهم أجرهم مرتين بما صبروا أول مرة ، ودخلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الإسلام .

وقال قوم في ذلك بما حدثنا به ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : إن قوما كانوا مشركين أسلموا ، فكان قومهم يؤذونهم ، فنزلت : ( أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ) وقوله : ( ويدرءون بالحسنة السيئة ) يقول : ويدفعون بحسنات أفعالهم التي يفعلونها سيئاتهم ( ومما رزقناهم ) من الأموال ( ينفقون ) [ ص: 597 ] في طاعة الله ، إما في جهاد في سبيل الله ، وإما في صدقة على محتاج ، أو في صلة رحم .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين ) قال الله ( أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ) وأحسن الله عليهم الثناء كما تسمعون ، فقال : ( ويدرءون بالحسنة السيئة ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية