الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وضمن المغيب عليه )

                                                                                                                            ش : قال في المقدمات إذا وجب على المستعير ضمان العارية ، فإنه يضمن قيمة الرقبة يوم انقضاء أجل العارية على ما ينقصها الاستعمال المأذون فيه بعد يمينه لقد ضاعت ضياعا لا يقدر على ردها انتهى .

                                                                                                                            ص ( لا غيره )

                                                                                                                            ش : يعني أنه [ ص: 270 ] لا يضمن ما لا يغاب عليه قال الجزولي في شرح قول الرسالة : ولا يضمن ما لا يغاب عليه من عبد أو دابة ، وهو مصدق في هلاكه ويحلف متهما كان أو غير متهم انتهى . وانظر كلام غيره في المسألة .

                                                                                                                            ( فرع ) : قال في التوضيح : ابن المواز : وإذا قلنا لا يضمن الدابة فيضمن سرجها ولجامها اللخمي ولا يضمن العبد ولا ما عليه من الكسوة ; لأن العبد حائز لما عليه انتهى .

                                                                                                                            ص ( إن شهد له أنه معه في اللقاء )

                                                                                                                            ش : هذا هو مذهب المدونة .

                                                                                                                            ص ( أو ضرب به ضرب مثله )

                                                                                                                            ش : هذا قول آخر حكاه ابن رشد أنه لا يصدق إلا أن يكون له بينة أنه ضرب به في اللقاء ضربا يجوز له قال : وهو أبعد الأقوال ، ولا يحتاج إليه على القول الأول الذي صدر به المصنف وهو مذهب المدونة .

                                                                                                                            ( فرع ) : قال في التوضيح : اللخمي : وأما الرحى تستعار للطحن عليها فيأتي بها ، وقد جففت فلا شيء عليه بالاتفاق .

                                                                                                                            ص ( وإلا فالمعتاد [ ص: 271 ] وله الإخراج في كبناء )

                                                                                                                            ش : قال ابن غازي : قوله وإلا فالمعتاد هو خلاف ما في المدونة إلا أن ابن يونس صوبه ، وقوله وله الإخراج وفاق لما في المدونة وكلامه متناقض ، وقد عدها ابن الحاجب قولين ، وقبله ابن عبد السلام وابن عرفة والمصنف ولو قال فالمعتاد على الأرجح ، وفيها له الإخراج في كبناء إلخ لأجاد انتهى . وما قاله ابن غازي صحيح لا غبار عليه ، وعلى ما ذكره المصنف في البناء هنا مشى في كتاب الشركة في مسألة إعارة الجدار ، وما بعده ، وهو أحد الأقوال الستة التي حصلها ابن زرقون على ما قاله في التوضيح كأنه والله أعلم أشار به إلى أخذها من كلام ابن رشد فإنه حصلها في رسم صلى نهارا من سماع ابن القاسم من الأقضية فراجعه .

                                                                                                                            وقال البساطي هنا : فإن قلت : قوله وإلا فالمعتاد يقتضي أن العارية لازمة إلى انتهاء المدة وقوله ، وله الإخراج ينافي ذلك ، ولهذا لما قال ابن الحاجب : وإلا فالمعتاد في مثلها عبر بعد ذلك بقيل فقال : وقيل للمعار الإخراج ، فجعلهما قولين وقال الشارحان الذي عبر عنه بقيل هو مذهب المدونة والمصنف جمع بينهما ( قلت ) : هو تابع في ذلك للمدونة ، ويبين لك ذلك بنصها قال : ومن أذنت له أن يبني في أرضك أو يغرس فلما فعل أردت إخراجه فإن كان بقرب ذلك مما يرى أنه لا يشبه أن يعير إلى تلك المدة ، فليس لك إخراجه إلا أن تعطيه ما أنفق فأنت ترى أنه جعلها لازمة إلى المدة ، ولكنه جعل للمعير الإخراج بشرط أن يعطيه ما أنفق ، فليس بين الكلامين خلاف .

                                                                                                                            ( فإن قلت ) : فابن الحاجب جعله خلافا وقال الشارحان : القول الأول لمطرف وغيره ( قلت ) : هذا أيضا صحيح ، واتفق مطرف والمدونة على أنها لازمة ولكن مطرف يقول : ليس له الإخراج ، ولو أعطى بخلاف المدونة فكانا قولين بهذا الاعتبار انتهى كلامه . وما قاله رحمه الله ليس بظاهر ، فإنه إنما فرق في المدونة بين أن يطلبه بالقرب بعد ما يرى أنه أعار إلى مثله لأجل أنه ورطه حتى بنى أما لو لم يبن أو كان المستعار مما لا يبنى فيه ، ولا يغرس كالثوب والدابة والعبد لأخذه صاحبه قرب الأمد أو بعد قال في المدونة : إثر الكلام المتقدم في كلام البساطي وقال في باب بعد هذا قيمة ما أنفق وإلا تركته إلى مثل ما يرى الناس أنك أعرته إلى مثله من الأمد وإن أردت إخراجه بعد أمد يشبه أنك أعرته إلى مثله فلك أن تعطيه قيمة البناء والغرس مقلوعا ، وإلا أمرته بقلعه إلا أن يكون مما لا قيمة له إذا قلع ، ولا نفع فيه من جص ونحوه ، فلا شيء للباني فيه ، وكذلك لو ضربت لعاريته أجلا فبلغه ، وليس لك إخراجه ههنا قبل الأجل ، وإن أعطيته قيمة ذلك قائما ، وكذلك لو لم يبن ، ولم يغرس حتى أردت إخراجه ، فليس لك ذلك قبل الأجل ، ولو لم تضرب أجلا كان ذلك لك انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن عرفة اللخمي إن أجلت العارية بزمن أو انقضاء عمل لزمت إليه ، وإن لم تؤجل كقولك أعرتك هذه الأرض أو الدابة أو الدار أو هذا العبد أو الثوب في صحة ردها ، ولو بقرب قبضها ولزوم قدر ما تعار له ثالثها إن أعاره ليسكن ، ويبني ، فالثاني وإلا ، فالأول لابن القاسم فيها مع أشهب وغيرهما وابن القاسم في الدمياطية انتهى والله أعلم

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية