الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 134 ] مسألة :

" وحيوان الماء الذي لا يعيش إلا فيه ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر : " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " .

أما السمك إذا مات بمفارقة الماء فهو حلال طاهر بالإجماع ، وكذلك إذا مات في الماء حتف أنفه وهو الطافي في ظاهر المذهب ، وقد خرج فيه وجه أنه حرام ، وليس بشيء ، ومع ذلك فهو طاهر أيضا ؛ لأن دمه طاهر كالجراد هو طاهر ، وإن قلنا : لا يحل إن مات فيه بغير سبب ؛ لأنه ليست له نفس سائلة ، وما عدا السمك مما يباح ففيه ثلاث روايات :

أحدها : أن جميعه يباح بلا ذكاة ؛ لعموم الحديث ، فعلى هذا لا ينجس الماء لموته فيه .

والثانية : لا يباح منه إلا السمك ؛ لأنه هو الميتة المعروفة بدليل قوله : " أحل لنا ميتتان ودمان السمك والجراد ".

والثالثة : أن ما لا يعيش إلا في الماء فهو كالسمك وما يعيش في البر لا يباح إلا بالتذكية ، وهو ظاهر المذهب ، كما ذكره الشيخ رحمه الله لما روى أبو هريرة قال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنا نركب البحر ، ونحمل معنا القليل من الماء ، فإن توضأنا منه عطشنا أفنتوضأ بماء البحر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " . رواه الخمسة ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ؛ ولأن ما لا يعيش إلا في الماء لا يمكن تذكيته غالبا فأشبه السمك بخلاف ما يعيش في البر .

[ ص: 135 ] فأما حيوان البحر المحرم كالضفدع والتمساح على المشهور والكوسج إذا قلنا بتحريمه فهو نجس بالموت ، وينجس الماء القليل كما ينجس غيره من المائعات .

التالي السابق


الخدمات العلمية