الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وسنته أن يبدأ المغتسل فيغسل يديه وفرجه ويزيل نجاسة إن كانت على بدنه ، [ ص: 58 ] ثم يتوضأ وضوءه للصلاة إلا رجليه ، ثم يفيض الماء على رأسه وسائر جسده ثلاثا ، ثم ينتحي عن ذلك المكان فيغسل رجليه ) هكذا حكت ميمونة رضي الله عنها اغتسال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يؤخر غسل رجليه لأنهما في مستنقع الماء المستعمل فلا يفيد الغسل حتى لو كان على لوح لا يؤخر ، وإنما يبدأ بإزالة النجاسة الحقيقية كي لا تزداد بإصابة الماء ( وليس على المرأة أن تنقض ضفائرها في الغسل إذا بلغ الماء أصول [ ص: 59 ] الشعر ) لقوله عليه الصلاة والسلام لأم سلمة رضي الله عنها { أما يكفيك إذا بلغ الماء أصول شعرك } وليس عليها بل ذوائبها هو الصحيح ، بخلاف اللحية لأنه لا حرج في إيصال الماء إلى أثنائها

التالي السابق


( قوله وسنته إلخ ) ظاهر ، وهل يمسح رأسه في هذا الوضوء ؟ نعم في الصحيح ، وفي [ ص: 58 ] رواية الحسن لا ، ولم يذكر كيفية الصب ، واختلف فيه فقال الحلواني : يفيض على منكبه الأيمن ثلاثا ثم الأيسر ثلاثا ثم على سائر جسده . وقيل يبدأ بالأيمن ثم بالرأس ثم بالأيسر .

وقيل يبدأ بالرأس ، وهو ظاهر لفظ الكتاب وظاهر حديث ميمونة الذي سيذكر ولو انغمس الجنب في ماء جار إن مكث فيه قدر الوضوء والغسل فقد أكمل السنة وإلا فلا ( قوله هكذا حكت ميمونة ) روى الجماعة عنها قالت { وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم ماء يغتسل به ، فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثا ، ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره ، ثم دلك يده بالأرض ، ثم تمضمض واستنشق ، ثم غسل وجهه ويديه ، ثم غسل رأسه ثلاثا ، ثم أفرغ على جسده ، ثم تنحى عن مقامه فغسل قدميه } ( قوله وليس على المرأة أن تنقض ضفائرها ) هذا فرع قيام الضفيرة ، فلو كانت ضفائرها منقوضة فعن الفقيه أبي جعفر يجب إيصال الماء إليه ، وفي وجوب نقض ضفائر الرجل اختلاف الرواية والمشايخ .

[ ص: 59 ] والاحتياط الوجوب ، وثمن ماء غسل المرأة ووضوئها على الرجل وإن كانت غنية ( قوله لقوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة ) في مسلم وغيره عنها { قلت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه في غسل الجنابة ، فقال لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين } ومقتضى هذا عدم وجوب إيصال الماء إلى الأصول ، وكذا ما فيه من { أنه بلغ عائشة أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤسهن فقالت : يا عجبا لابن عمرو يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤسهن أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤسهن لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ، وما أزيد أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات } .

وكذا ما في أبي داود { أنهم استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال أما الرجل فلينشر رأسه فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر ، وأما المرأة فلا عليها أن لا تنقضه لتغرف على رأسها ثلاث غرفات بكفيها } وإن كان فيه محمد بن إسماعيل بن عياش عن أبيه . قال في الإمام : ورد ما يدل على أن المرأة تنقض رأسها في الحيض ، وذكر ما في البخاري من حديث عائشة في الحج { أهللت مع رسول صلى الله عليه وسلم الله في حجة الوداع فكنت ممن تمتع ولم يسق الهدي ، فزعمت أنها حاضت ولم تطهر حتى دخلت ليلة عرفة فقالت : يا رسول الله هذه ليلة عرفة وإنما كنت تمتعت بعمرة ، فقال لها صلى الله عليه وسلم : انقضي رأسك وامتشطي وأمسكي عن عمرتك } الحديث .

وروى الدارقطني في الأفراد من حديث مسلم بن صبيح ، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا اغتسلت المرأة من حيضها نقضت شعرها نقضا وغسلته بخطمي وأشنان ، فإذا اغتسلت من الجنابة صبت على رأسها الماء وعصرته } ا هـ ولا أعلم هذا التفصيل في المذهب وأجاب متأخر بما في مسلم من حديث أم سلمة السابق ، فإن فيه في رواية { أفأنقضه للحيضة والجنابة ؟ قال لا } الحديث . وهو أولى بالتقديم من حديث الدارقطني ، وأما حديث عائشة فإن ذلك الغسل كان للتنظيف لأجل الوقوف لا للتطهير من حدث الحيض لأنها كانت حائضا ، هذا وأورد أن حديث أم سلمة معارض للكتاب . وأجيب تارة بالمنع ، فإن مؤدى الكتاب غسل البدن ، والشعر ليس منه بل متصل به نظرا إلى أصوله ، فعملنا بمقتضى الاتصال في حق الرجال وبمقتضى الانفصال في النساء دفعا للحرج إذ لا يمكنهن حلقه ، وتارة بأنه خص من الآية مواضع الضرورة كداخل العينين فيخص بالحديث بعده ( قوله هو الصحيح ) احتراز عن قول بعضهم يجب [ ص: 60 ] بلها ثلاثا مع كل بلة عصرة .

وفي صلاة البقالي الصحيح أنه يجب غسل الذوائب وإن جاوزت القدمين ، وفي مبسوط بكر في وجوب إيصال الماء إلى شعب عقاصها اختلاف المشايخ ا هـ .

والأصح نفيه للحصر المذكور في الحديث




الخدمات العلمية