الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإذ قال ربك للملائكة [ 30 ]

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو عبيدة : " إذ " اسم وهو ظرف زمان ليس مما يزاد . قال أبو إسحاق : ذكر الله - عز وجل - خلق الناس وغيرهم ، فالتقدير : ابتدأ خلقهم " إذ قال ربك " للملائكة خفض باللام ، والهاء لتأنيث الجماعة إني جاعل في الأرض الياء في موضع نصب ، جاعل خبر إن . والأصل إنني ، حذفت النون لاجتماع نونين في الأرض خفض بفي خليفة نصب بجاعل ، ولا يجوز حذف التنوين للفصل ، ولو وليه المفعول لجاز حذف التنوين ( خليفة ) يكون بمعنى فاعل أي يخلف من كان قبله من الملائكة في الأرض أو من كان قبله من غير الملائكة كما روي ، ويجوز أن يكون " خليفة " بمعنى مفعول أي يخلف ، كما يقال ذبيحة بمعنى مفعولة . قالوا أتجعل فعل مستقبل فيها من يفسد في موضع نصب بتجعل ، والمفعول الثاني يقوم مقامه " فيها " " يفسد " على اللفظ ، ويجوز في غير القرآن يفسدون على المعنى . ويسفك عطف عليه ، وروي عن الأعرج ويسفك الدماء بالنصب يجعله جواب الاستفهام بالواو . وواحد الدماء دم ، ولا يكون اسم على حرفين إلا وقد حذف منه ، والمحذوف منه ياء ، وقد نطق به على الأصل ، قال الشاعر :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 208 ]

                                                                                                                                                                                                                                        فلو أنا على حجر ذبحنا جرى الدميان بالخبر اليقين



                                                                                                                                                                                                                                        ونحن نسبح بحمدك لا يجوز إدغام النون في النون ؛ لئلا يلتقي ساكنان قال إني أعلم ما لا تعلمون من حرك الياء فقال : " إني أعلم ما " كره أن يكون اسم على حرف واحد ساكنا ، ومن أسكنها قال : قد اتصلت بما قبلها . أعلم فعل مستقبل ، ويجوز أن يكون اسما بمعنى فاعل كما يقال : الله أكبر ، بمعنى كبير ، وكما قال :


                                                                                                                                                                                                                                        لعمرك ما أدري وإني لأوجل     على أينا تغدو المنية أول



                                                                                                                                                                                                                                        ويجوز إدغام الميم في الميم . و " ما " في موضع نصب بأعلم إذا جعلته فعلا وإن جعلته اسما جاز أن يكون " ما " في موضع خفض بالإضافة ، وفي موضع نصب ، وتحذف التنوين لأنه لا ينصرف .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية