الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          374 - مسألة : ويستحب أن يقول إذا فرغ من التشهد ما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أخبرنا محمد بن سلمة عن ابن القاسم حدثني مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر : أن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري - وعبد الله بن زيد - هو الذي أرى النداء بالصلاة - أخبره عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال { أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله ، فكيف نصلي عليك فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ، ثم قال : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما قد علمتم } . وما حدثناه عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا إسحاق هو ابن راهويه ثنا روح عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عمرو بن سليم [ ص: 303 ] أنا أبو حميد الساعدي { أنهم قالوا يا رسول الله : كيف نصلي عليك . قال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد } . فإن قال قائل : لم لم تجعلوا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثر التشهد فرضا بهذين الخبرين ويقول الله تعالى : { صلوا عليه وسلموا تسليما } كما يقول الشافعي قلنا : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل : إن هذا القول فرض في الصلاة ، ولا يحل لأحد أن يزيد في كلامه عليه السلام ما لم يقل ، فنحن نقول : إن هذا القول فرض على كل مسلم أن يقوله مرة في الدهر ، فإذا فعل ذلك فقد صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أمر ثم يستحب له ذلك في الصلاة وغيرها ، فهو تزيد من الأجر ; وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا } . فإن قيل : من أين اقتصرتم على وجوب هذا مرة في الدهر ، ولم توجبوا تكرار ذلك متى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا : إن قول ذلك مرة واحدة واجب بالنص ، لا يمكن الاقتصار على أقل من مرة ، وأما الزيادة على المرة فنحن نسألكم : كم من مرة توجبون ذلك في الدهر ، أو في الحول ، أو في الشهر ، أو في اليوم ، أو في الساعة ولا يقبل منكم تحديد عدد دون عدد إلا ببرهان ، ولا سبيل إليه ; فقد امتنع هذا بضرورة العقل فإن قالوا : نوجب ذلك في الصلاة خاصة قلنا : ليس هذا موجودا في الآية ، ولا في شيء من الأحاديث فهو دعوى منكم بلا برهان فإن قال قائل من غير الشافعيين : نقول بإيجاب ذلك متى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة أو غيرها قلنا : أيضا هذا لا يوجد لا في آية ولا في الصحيح من الأخبار ، وإنما جاء هذا في [ ص: 304 ] حديث رويناه من طريق أبي بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن محمد بن هلال عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبيه أن كعبا - وهذا سند لا تقوم به حجة ; لأن أبا بكر متكلم فيه ، ومحمد بن هلال مجهول ; وسعد بن إسحاق غير مشهور الحال . ولقد كان يلزم من رأى الصيام في الاعتكاف فرضا - بدليل ذكره بين آيتي صيام - : أن يجعل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة فرضا للأمر بها مع ذكر السلام الذي علموه ، وهو إما السلام الذي في التشهد في الصلاة ، وإما السلام من الصلاة بلا شك ، ولكنهم لا يطردون استدلالهم على ضعفه ، ولا يلتزمون الأدلة الواجب قبولها - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية