الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( يتيمم المحدث والجنب ) بالإجماع ، ومثله الحائض والنفساء ومن ولدت ولدا جافا والقياس أن المأمور بغسل مسنون كجمعة أو وضوء كذلك يتيمم أيضا ، وسيأتي أن الميت ييمم ، وإنما اقتصر على المحدث والجنب لأنهما الأصل ومحل النص .

                                                                                                                            والأصل في ذلك خبر عمار بن ياسر { بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت ، فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة ، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك فقال : إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك هكذا ، ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه } وخبر { أنه صلى الله عليه وسلم صلى ثم رأى رجلا معتزلا لم يصل مع القوم فقال : يا فلان ما منعك أن تصلي مع القوم ؟ فقال : أصابتني جنابة ولا ماء ، فقال : عليك بالصعيد فإنه يكفيك } واحترز بالمحدث والجنب عن المتنجس فلا يتيمم مع العجز لعدم وروده ، ويجوز جعل قوله : الجنب بعد المحدث من عطف الخاص على العام ( لأسباب ) جمع سبب وقد مر تعريفه : يعني لواحد منها ، وفي الحقيقة المبيح للتيمم شيء واحد وهو العجز عن استعمال الماء .

                                                                                                                            [ ص: 265 ] وللعجز أسباب ( أحدها : فقد الماء ) للآية السابقة ، والفقد الشرعي كالحسي بدليل ما لو مر مسافر على ماء مسبل على الطريق فيتيمم ، ولا يجوز له التوضؤ منه ، ولا إعادة عليه لقصر الواقف له على الشرب ، نقله صاحب البحر عن الأصحاب .

                                                                                                                            وأما الصهاريج المسبلة للشرب فلا يتوضأ منها ، أو للانتفاع فيجوز الوضوء وغيره وإن شك اجتنب الوضوء ، قاله العز بن عبد السلام .

                                                                                                                            وقال غيره : يجوز أن يفرق بين الخابية والصهريج بأن ظاهر الحال فيها الاقتصار على الشرب .

                                                                                                                            والأوجه تحكيم العرف في مثل ذلك ويختلف باختلاف المحال .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ومن ولدت ولدا جافا ) إنما لم يكتف بذكر الجنابة عنه لما مر من أن الولادة سبب مستقل ، وأما إلقاء بعض الولد فهو ناقض للوضوء فدخل في المحدث ( قوله : والقياس إلخ ) سيأتي في باب الجمعة أن من عجز عن غسلها تيمم ، وعليه فكان المناسب أن يقول : وسيأتي في باب الجمعة أن من عجز عن غسلها تيمم ، ولعله لم يقل ذلك لأنه لم يأت التصريح بكل ما شمله قوله والقياس أن إلخ ( قوله أو ضوء كذلك ) أي مسنون وقوله يتيمم أيضا ظاهره وإن تعدد ذلك منه مرارا كأن بقي وضوءه وحضرته صلوات ، ونقل سم على منهج عن الشارح ما يوافقه ، وأما لو كان تيممه عن حدث فلا يطلب منه تجديد التيمم كما قدمه حج في الغسل ، ولعل الفرق بين بقائه على وضوئه وبقائه على تيممه حيث طلب منه تجديد التيمم مع بقاء الوضوء ولم يطلب مع بقاء التيمم عن الحدث أنه هنا بدل عن الوضوء المطلوب ، فأعطي حكمه من فعله لكل صلاة مع بقاء الطهارة ، وأما التيمم عن الحدث فهو تكرار لما فعله مستقلا وهو رخصة طلب تخفيفها فلا يسن تكرارها ( قوله : ثم ضرب بيده الأرض ) أي بكل يد له وهو مشكل على مرجح النووي الآتي من عدم الاكتفاء بضربه ، وسيأتي الكلام عليه في كلام الشارح في الفصل الآتي ( قوله : فلا يتيمم مع العجز ) أي بدلا عن غسل النجاسة لا عن الحدث ، فإنه يأتي في كلام الشارح بعد قول المصنف ويكون قبل التيمم ( قوله : من عطف الخاص إلخ ) أي بأن يريد بالمحدث الأعم ، وعليه فتدخل الحائض والنفساء في المحدث ، وجعل هذا جائزا في المقام لما مر [ ص: 265 ] أن الحدث عند الإطلاق ينصرف للأصغر ( قول المصنف فقد الماء ) أي حسا أخذا من قول الشارح : والفقد الشرعي كالحسي ( قوله : على الطريق ) ليس بقيد ، وإنما عبروا به لأن تسبيله على الطريق قرينة على أنه يسبل للشرب لا لغيره ( قوله : الصهاريج ) جمع صهريج كقنديل وعلابط حوض يجتمع فيه الماء ا هـ قاموس ( قوله فلا يتوضأ منها ) أي لا يجوز له ذلك ، ومع ذلك لو خالف وتوضأ صح وضوءه كما تقدم في الماء المغصوب ( قوله : وإن شك ) أي تردد فيشمل الظن ، ومنه غالب الصهاريج الموجودة بمصرنا فإنا لم نعلم فيها حال الواقف ، والغالب قصرها على الشرب ، ثم قد تقوم قرينة على أن الشرب منها خاص بمواضعها فيمتنع نقلها : أي نقل الماء للشرب منه في البيوت وقد تقوم قرينة على أن الشرب منها غير خاص بمواضعها فينقل ماؤها للشرب منه في البيوت ويختص به من أخذها بمجرد حيازته له وإن لم ينقله ( قوله : اجتنب الوضوء ) أي وجوبا .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : والأصل في ذلك ) أي قبل الإجماع المتقدم ذكره ، فهو مستند الإجماع بالنسبة للجنب ( قوله : من عطف الخاص على العام ) أي ونكتته وروده في القرآن [ ص: 265 ] قوله : ، والفقد الشرعي كالحسي ) مراده بالشرعي ما ذكره في قوله لدليل ما لو سافر إلخ ، وليس مراده به ما يشمل احتياجه إليه لعطش محترم وخوف استعماله مما يأتي ; لأنه سيأتي عطفهما في المتن على فقد الماء بهذين المعنيين




                                                                                                                            الخدمات العلمية