الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ( 74 ) وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين ( 75 ) إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون ( 76 ) وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين ( 77 ) إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم ( 78 ) فتوكل على الله إنك على الحق المبين ( 79 ) إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ( 80 ) وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون ( 81 ) ) .

قوله تعالى : ( ما تكن ) : من أكننت .

و ( لا تسمع ) : بالضم على إسناد الفعل إلى المخاطب .

( وما أنت بهادي العمي ) : على الإضافة . وبالتنوين والنصب على إعمال اسم الفاعل . وتهدي على أنه فعل [ ص: 285 ] و ( عن ) : يتعلق بـ " هادي " وعداه بعن ، لأن معناه تصرف ؛ ويجوز أن تتعلق بالعمي ، ويكون المعنى أن العمى صدر عن ضلالتهم .

قال تعالى : ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ( 82 ) ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون ( 83 ) حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون ( 84 ) ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون ( 85 ) ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ( 86 ) ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين ( 87 ) ) .

قوله تعالى : ( تكلمهم ) : يقرأ بفتح التاء وكسر اللام مخففا بمعنى تسمهم وتعلم فيهم ، من : كلمه ، إذا جرحه .

ويقرأ بالضم والتشديد ، وهو بمعنى الأول ، إلا أنه شدد للتكثير ؛ ويجوز أن يكون من الكلام .

( أن الناس ) بالكسر على الاستئناف . وبالفتح ، أي تكلمهم بأن الناس ، أو تخبرهم بأن الناس ، أو لأن الناس .

( ويوم نحشر ) : أي واذكر يوم . وكذلك " ويوم ينفخ في الصور ففزع " بمعنى : فيفزع .

و ( كل أتوه ) : على الفعل ، وآتوه - بالمد على أنه اسم .

و ( داخرين ) : حال .

قال تعالى : ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون ( 88 ) ) .

قوله تعالى : ( تحسبها ) : الجملة حال من الجبال ، أو من الضمير في " ترى " .

( وهي تمر ) : حال من الضمير المنصوب في " تحسبها " ولا يكون حالا من الضمير في " جامدة " إذ لا يستقيم أن تكون جامدة مارة مر السحاب ؛ والتقدير : مرا مثل مر [ ص: 286 ] السحاب : و ( صنع الله ) : مصدر عمل فيه ما دل عليه " تمر " لأن ذلك من صنعه سبحانه ؛ فكأنه قال : أصنع ذلك صنعا ، وأظهر الاسم لما لم يذكر .

قال تعالى : ( من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ( 89 ) ) .

قال تعالى : ( خير منها ) : يجوز أن يكون المعنى أفضل منها ، فيكون " من " في موضع نصب . ويجوز أن يكون بمعنى فضل فيكون " منها " في موضع رفع صفة لخير ؛ أي فله خير حاصل بسببها .

( من فزع ) : بالتنوين . ( يومئذ ) : بالنصب .

ويقرأ : " من فزع يومئذ " بالإضافة ؛ وقد ذكر مثله في هود عند قوله : ( ومن خزي يومئذ ) [ سورة هود : 66 ] .

قال تعالى : ( ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون ( 90 ) ) .

قال تعالى : ( هل تجزون ) : أي يقال لهم ، وهو في موضع نصب على الحال ؛ أي فكبت وجوههم مقولا لهم هل تجزون .

قال تعالى : ( إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين ( 91 ) ) .

قوله تعالى : ( الذي حرمها ) : هو صفة لرب . وقرئ : " التي " على الصفة للبلدة . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية