الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القراءات:

                                                                                                                                                                                                                                      المفضل عن عاصم، والأعشى عن أبي بكر عن عاصم: {قل أذن} ؛ بالتنوين، {خير} ؛ بالرفع، والباقون: بالإضافة، وقد تقدم ضم الذال وإسكانها من {أذن} .

                                                                                                                                                                                                                                      حمزة: {ورحمة للذين آمنوا منكم} ؛ بالجر.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن هرمز، والحسن، وغيرهما: {ألم تعلموا أنه من يحادد الله} ؛ بالتاء.

                                                                                                                                                                                                                                      عاصم: إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة ، وبقية السبعة: {إن يعف عن طائفة منكم تعذب طائفة} . [ ص: 284 ] مجاهد: {إن تعف عن طائفة منكم تعذب} ، وعنه وعن الجحدري: {إن يعف عن طائفة منكم يعذب طائفة} .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو رجاء: {وبما كانوا يكذبون} ؛ بالتشديد.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن هرمز، وعطاء بن يسار، وغيرهما: {لا يجدون إلا جهدهم} ؛ بفتح الجيم.

                                                                                                                                                                                                                                      عمرو بن ميمون، وعمرو بن عبيد: {بمقعدهم خلف رسول الله} .

                                                                                                                                                                                                                                      مالك بن دينار: {فاقعدوا مع الخلفين} ؛ بغير ألف.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 285 ] الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      من قرأ: {قل أذن خير لكم} ؛ فعلى الابتداء والخبر، و (الأذن) : هو صاحب الأذن، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أضاف؛ فالمعنى: قل: هو أذن خير؛ أي: مستمع خير، لا مستمع شر.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن رفع: {ورحمة للذين آمنوا} ؛ عطفها على {أذن} ؛ أي: قل: هو أذن ورحمة؛ أي: هو مستمع خير، وهو رحمة، ومن جر (الرحمة) ؛ فعلى العطف على {خير} ؛ فالمعنى: مستمع خير، ومستمع رحمة؛ لأن الرحمة من الخير، وجاز ذلك وإن كان الخير يشتمل على الرحمة وغيرها؛ كما قال: اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق [العلق: 1- 2]، فكرر، وقوله: {خلق} يشتمل على جميع الخلق، ولا يصح عطف (الرحمة) على (المؤمنين) ؛ لأن المعنى: ويصدق المؤمنين، فاللام زائدة، أو يكون محمولا على معنى {يؤمن} الذي هو (يصدق) ؛ فعدي باللام، كما عدي بها في قوله: مصدقا لما بين يديه [البقرة: 97]، [ ص: 286 ] ولا يصح العطف على (المؤمنين) في الوجهين؛ كما لا تقول: (يؤمن للرحمة) ، ولا: (يؤمن الرحمة) ، واللام عند المبرد متعلقة بمصدر دل عليه الفعل؛ التقدير: إيمانه للمؤمنين؛ أي: تصديقه للمؤمنين، لا للكفار.

                                                                                                                                                                                                                                      والله ورسوله أحق أن يرضوه : مذهب سيبويه: أن الجملة الأولى حذفت؛ لدلالة الثانية عليها؛ والتقدير: والله أحق أن يرضوه، ورسوله أحق أن يرضوه، والهاء تعود على النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      ومذهب المبرد: أن في الكلام تقديما وتأخيرا؛ والتقدير: والله أحق أن يرضوه، ورسوله؛ فالهاء على هذا ضمير اسم الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء: المعنى: ورسوله أحق أن يرضوه، وقوله: {والله} استفتاح كلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فأن له نار جهنم : توكيد لـ(أن) الأولى لما طال الكلام، هذا مذهب المبرد والجرمي، ومذهب سيبويه والخليل: أن (أن) الثانية بدل من الأولى.

                                                                                                                                                                                                                                      علي بن سليمان: (أن) الثانية: خبر مبتدأ محذوف؛ التقدير: فالواجب أن له نار جهنم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 287 ] وقيل: التقدير: فله أن له نار جهنم، فـ (أن) مرفوعة بالاستقرار، على إضمار المجرور بين الفاء و (أن) ، وهذا اختيار أبي علي.

                                                                                                                                                                                                                                      الأخفش: (أن) : رفع؛ على تقدير: فوجوب النار له، وأنكره المبرد؛ من أجل أن (أن) المفتوحة المشددة لا يبتدأ بها ويضمر الخبر.

                                                                                                                                                                                                                                      يحذر المنافقون أن تنـزل عليهم سورة : يجوز أن تكون {أن} في موضع نصب؛ على تقدير: من أن تنزل، ويجوز على مذهب سيبويه أن تكون مفعولة لـ {يحذر} ؛ لأنه يجيز: (حذرت زيدا) ، ولم يجزه المبرد؛ لأن الحذر شيء في الهيئة.

                                                                                                                                                                                                                                      وما في قوله: {إن يعف عن طائفة} من القراءات ظاهر، سوى قراءة من قرأ: {إن تعف} ؛ فوجهها: الحمل على المعنى؛ كأنه قال: إن ترحم طائفة منكم، وآنس بذلك مجيء {تعذب} بعده، والوجه في {يعف} ؛ بالياء ظاهر.

                                                                                                                                                                                                                                      كالذين من قبلكم : موضع الكاف نصب؛ المعنى: وعدكم الله على كفركم [ ص: 288 ] كوعد الذين من قبلكم، وكذلك: كما استمتع الذين من قبلكم ، و كالذي خاضوا .

                                                                                                                                                                                                                                      والذين لا يجدون إلا جهدهم : معطوف على {المؤمنين} ؛ ولا يعطف على {المطوعين} ؛ لأنه يكون عطف على الاسم قبل تمامه.

                                                                                                                                                                                                                                      فيسخرون منهم : معطوف على {يلمزون} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: سخر الله : خبر عن الذين يلمزون ، و (الجهد) ؛ بالفتح: المشقة، و (الجهد) ؛ بالضم: الطاقة، وقيل: هما لغتان بمعنى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: خلاف رسول الله : من قرأ: {خلف} ؛ فمعناه: بعد رسول الله، و (الخلاف) : المخالفة، وانتصابه على أنه مفعول له؛ والتقدير: بمقعدهم خلافا عليه، ويجوز أن يكون ظرفا، و (مقعدهم) : مصدرا، ولا يكون مكانا، ولا زمانا؛ لأنه لو كان كذلك؛ لم يتعلق به ظرف، ولا مفعول له، ولا غيرهما مما يجوز تعلقه بالأفعال والمصادر، ويحتمل أن يكون {خلاف} مصدر (خالف) ، ويحتمل أن يكون لغة في (خلف) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {مع الخلفين} ؛ فهو مقصور من {الخالفين} ، وقد جاء ذلك في الألف، والواو، والياء.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 289 ] فالألف نحو قوله: [من الرجز].


                                                                                                                                                                                                                                      مثل النقا لبده برد الظلل

                                                                                                                                                                                                                                      يريد: (الظلال) .

                                                                                                                                                                                                                                      والواو نحو قوله: [من الرجز]


                                                                                                                                                                                                                                      إن الفقير بيننا قاض حكم     أن ترد الماء إذا غاب النجم

                                                                                                                                                                                                                                      والياء نحو قوله: [من الطويل]


                                                                                                                                                                                                                                      وبدلت بعد الزعفران وطيبه     صدا الدرع من مستحكمات المسامر

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية