الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وفي ) قتل أحد ( الأسيرين ) الآخر ( كفر فقط ) لما مر بلا دية ( في الخطأ ) ولا شيء في العمد أصلا لأنه بالأسر [ ص: 168 ] صار تبعا لهم فسقطت عصمته المقومة لا المؤثمة ، فلذا يكفر في الخطأ ( كقتل مسلم ) أسيرا أو ( من أسلم ثمة ) ولو ورثته مسلمون ثمة فيكفر في الخطإ فقط لعدم الإحراز بدارنا .

التالي السابق


( قوله لما مر ) أي من إطلاق النص ( قوله ولا شيء في العمد أصلا ) أي لا كفارة لأنها لا تجب في العمد عندنا ولا قود لما ذكره وهذا عنده وقالا في الأسيرين الدية في الخطإ والعمد وتمامه في البحر ( قوله لأنه بالأسر إلخ ) بيان للفرق من جهة الإمام بين المستأمنين والأسيرين [ ص: 168 ] وذلك أن الأسير صار تبعا لهم بالقهر حتى صار مقيما بإقامتهم ومسافرا بسفرهم كعبيد المسلمين فإذا كان تبعا لهم فلا يجب بقتله دية كأصله وهو الحربي فصار كالمسلم الذي لم يهاجر إلينا ، وهو المراد بقوله كقتل مسلم من أسلم ثمة : أي في دار الحرب فإنه لا يجب بقتله إلا الكفارة في الخطإ لأنه غير متقوم لعدم الإحراز بالدار فكذا هذا لبطلان الإحراز الذي كان في دارنا بالتبعية لهم في دارهم وأما المستأمن فغير مقهور لإمكان خروجه باختياره فلا يكون تبعا لهم وتمامه في الزيلعي ( قوله فسقطت عصمته المقومة ) هي ما توجب المال أو القصاص عند التعرض والمؤثمة ما توجب الإثم ، والأولى تثبت بالإحراز بالدار كعصمة المال لا بالإسلام عندنا ، فإن الذمي مع كفره يتقوم بالإحراز والثانية بكونه آدميا لأنه خلق لإقامة الدين ولا يتمكن من ذلك إلا بعصمة نفسه بأن لا يتعرض له أحد ولا يباح قتله إلا بعارض أفاده الزيلعي ( قوله كقتل مسلم أسيرا ) أفاد أن تصوير المسألة بالأسيرين غير قيد بل المعتبر كون المقتول أسيرا لأن المناط كون المقتول صار تبعا لهم بالقهر كما علمت سواء كان القاتل مثله أو مستأمنا فلو كان بالعكس بأن قتل الأسير مستأمنا فالظاهر أنه كقتل أحد المستأمنين صاحبه كما بحثه ح ( قوله ولو ورثته مسلمون ثمة ) كذا في غالب النسخ ، وكان حقه أن يقول مسلمين لأنه خبر كان المقدرة بعد لو وفي بعض النسخ مسلمون فهو صفة لورثته وخبر كان قوله ثمة والله سبحانه أعلم .

.



الخدمات العلمية