الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر مقتل أبي جهل

أخبرنا عبد الأول ، قال: أخبرنا الداودي ، قال: أخبرنا ابن أعين ، قال: أخبرنا [ ص: 115 ] الفربري ، قال: حدثنا البخاري ، قال: أخبرنا مسدد ، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب الماجشون ، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، عن جده عبد الرحمن ، أنه قال: بينا أنا واقف في الصف يوم بدر ، فنظرت عن يميني وعن شمالي ، فإذا أنا بغلامين من الأنصار . حديثة أسنانهما ، تمنيت لو كنت بين أضلع منهما ، فغمزني أحدهما ، فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قلت: نعم ، وما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: بلغني أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذي نفسي بيده لئن رأيته لم يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا ، قال: فغمزني الآخر ، فقال لي مثلها ، فتعجبت لذلك ثم لم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس ، فقلت [لهما]: ألا تريان هذا صاحبكما الذي تسألان عنه فابتدراه فاستقبلهما فضرباه حتى قتلاه ، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه ، فقال: "أيكما قتله؟" فقال كل واحد منهما: أنا قتلته ، قال: "مسحتما سيفيكما؟" قالا: لا ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في السيفين ، فقال: "كلاكما قتله ، وقضى بسلبه لمعاذ [بن عمرو] بن الجموح . [ ص: 116 ]

وهما معاذ بن عمرو ، ومعاذ بن عفراء .


[قال مؤلف الكتاب]: أخرجاه في الصحيحين .

وفي رواية ابن مسعود (: أن [معاذ] بن عفراء ضرب أبا جهل هو وأخوه عوف بن الحارث ، حتى أثبتاه ، فعطف عليهما فقتلهما ، ثم وقع صريعا فوقف عليه معوذ .

وفي رواية ، عن معاذ بن عمرو بن الجموح ، قال: ضربت أبا جهل [بن هشام] ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه ، فوالله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى ، وضربني ابنه عكرمة على عاتقي ، فطرح يدي فتعلقت بجلدة من جنبي فقاتلت عليه يومي ، وإني لأسحبها خلفي ، فلما أذتني جعلت عليها رجلي ثم تمطيت بها حتى طرحتها . وعاش معاذ إلى زمان عثمان . قال: ثم مر بأبي جهل - وهو عقير - معوذ بن عفراء ، فضربه حتى أثبته وتركه وبه رمق ، وقاتل معوذ حتى قتل ، فمر به عبد الله بن مسعود ، فوضع رجله على عينيه ، فقال: لقد ارتقيت يا رويعي الغنم مرتقى صعبا ، فقال: لمن الدائرة؟ فقال: لله ولرسوله ، ثم اجتز رأسه ، فأتى به رسول الله صلي الله عليه وسلم .

أخبرنا ابن الحصين ، قال: أخبرنا ابن المذهب ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر ، [ ص: 117 ] قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني أبي ، قال: أخبرنا وكيع ، قال: حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة [قال]: قال عبد الله . انتهيت إلى أبي جهل يوم بدر ، وقد ضربت رجله ، وهو صريع ، وهو يذب الناس عنه بسيف له ، فقلت: الحمد لله الذي أخزاك يا عدو الله ، فقال: هل هو إلا رجل قتله قومه؟ [قال]: فجعلت أتناوله بسيف لي غير طائل ، فأصبت يده ، فندر سيفه ، فأخذته فضربته به ، حتى قتلته ، قال: ثم خرجت حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كأنما أقل من الأرض ، فأخبرته ، فقال: "الحمد لله الذي لا إله غيره " فرددها ثلاثا قال: قلت الله الذي لا إله إلا هو ، [قال] فخرج يمشي معي حتى قام عليه ، فقال: "الحمد لله الذي أخزاك يا عدو الله ، هذا كان فرعون هذه الأمة" . وقتل أبو جهل [لعنه الله] وهو ابن سبعين سنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية