الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( أولئك يؤمنون به )

قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : ( أولئك ) ، هؤلاء الذين أخبر عنهم أنهم يتلون ما آتاهم من الكتاب حق تلاوته ، وأما قوله : ( يؤمنون ) ، فإنه يعني : يصدقون به . و"الهاء" التي في قوله : "به" عائدة على "الهاء" التي في "تلاوته" ، وهما جميعا من ذكر الكتاب الذي قاله الله : ( الذين آتيناهم الكتاب ) .

فأخبر الله - جل ثناؤه - أن المؤمن بالتوراة ، هو المتبع ما فيها من حلالها وحرامها ، والعامل بما فيها من فرائض الله التي فرضها فيها على أهلها ، وأن أهلها الذين هم أهلها من كان ذلك صفته ، دون من كان محرفا لها مبدلا تأويلها ، مغيرا [ ص: 572 ] سننها تاركا ما فرض الله فيها عليه .

وإنما وصف - جل ثناؤه - من وصف بما وصف به من متبعي التوراة ، وأثنى عليهم بما أثنى به عليهم؛ لأن في اتباعها اتباع محمد نبي الله صلى الله عليه وسلم وتصديقه؛ لأن التوراة تأمر أهلها بذلك ، وتخبرهم عن الله تعالى ذكره بنبوته ، وفرض طاعته على جميع خلق الله من بني آدم ، وأن في التكذيب بمحمد التكذيب لها . فأخبر - جل ثناؤه - أن متبعي التوراة هم المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وهم العاملون بما فيها ، كما : -

1905 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( أولئك يؤمنون به ) ، قال : من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من بني إسرائيل ، وبالتوراة ، وإن الكافر بمحمد صلى الله عليه وسلم هو الكافر بها الخاسر ، كما قال جل ثناؤه : ( ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية