الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1928 - وعن أبي أمامة قال : قال أبو ذر : يا نبي الله ! أرأيت : الصدقة ماذا هي ؟ قال : أضعاف مضاعفة ، وعند الله المزيد " رواه أحمد .

التالي السابق


1928 - ( وعن أبي أمامة قال : قال أبو ذر : يا نبي الله ! أرأيت ) أي أخبرني ( الصدقة ) بالرفع مبتدأ والخبر جملة ( ماذا هي ؟ ) أي : أي شيء ثوابها ؟ ( قال : أضعاف ) أي هي يعني ثوابها أضعاف من عشرة ( مضاعفة ) أي إلى سبعمائة ( وعند الله المزيد ) أي الزيادة تفضلا لقوله - تعالى - : " والله يضاعف لمن يشاء " قال الطيبي : الجملة الاستفهامية خبر بالتأويل أي الصدقة أقول فيها ماذا هي ، والسؤال عن حقيقة الصدقة لا يطابق الجواب بقول : أضعاف ، لكنه وارد على أسلوب الحكيم أي : لا تسأل عن حقيقتها فإنها معلومة واسأل عن ثوابها ليرغبك فيها اهـ . وفيه مع قطع النظر عن تكلفه أن المعلوم لا يسأل عنه حتى ينهى عن سؤاله ويعدل عن جواب آخر ، ثم قال الطيبي : قولهم أرأيت زيدا ماذا صنع بمعنى أخبرني ليس من باب التعليق بل يجب نصب زيد ، ومعنى أرأيت أخبر وهو منقول من رأيت بمعنى أبصرت أو عرفت ، كأنه قيل : أبصرته ، وشاهدت العجيبة أو عرفتها أخبرني عنها ، ولا يستعمل إلا في الاستخبار عن حالة عجيبة وقد يؤتى بعده بالمنصوب الذي كان مفعولا به كما ذكرنا وقد يحذف نحو : أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك ، ولا بد من استفهام ظاهر أو مقدر وليس لجملة ما صنع محل من الإعراب كما توهم أنه مفعول ثان ، بل هي لبيان الحال المستخبر عنها لما قال : رأيت زيدا ؟ قال المخاطب : عن أي حال من أحواله تسأل ؟ فقال : ما صنع ، كما في الرضى فعلى هذا يجب نصب الصدقة في قوله أرأيت اهـ . وفيه أن الرواية برفعها يتعين توجيهها بأن يقال : هي وما بعدها في موضع المفعولين ، قال صاحب الكشاف في قوله - تعالى - أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى : فإن قلت ما متعلق أرأيت ؟ قلت : " الذي ينهى " مع الجملة الشرطية وهما في موضع المفعولين ، قال أبو حبان : وما قرره الزمخشري هاهنا ليس بجار على ما قررناه أي في الأنعام ، فمن ذلك أنه ادعى أن جملة الشرطية في موضع المفعول الواحد ، والموصول هو الآخر ، وعندنا أن المفعول الثاني لا يكون إلا جملة استفهامية كقوله - تعالى - " أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى أعنده علم الغيب " وهو في القرآن كثير ، فتخرج هذه الآية على ذلك القانون إلخ ، وقال في الإعلان : أرأيت بمعنى أخبرني لا يعلق عند سيبويه ، وقال غيره : كثيرا ما يعلق ، اهـ . فكلام الرضي بما هو محمول على ثبوت نصب زيد ، ولذا قال في الإعلان : اختلفوا في الجملة الاستفهامية الواقعة بعد المنصوب بأرأيتك نحو أرأيتك زيدا ما صنع ، فالجمهور على أن زيدا مفعول أول ، والجملة بعده في محل نصب سادة مسد المفعول الثاني ، ولا يجور التعليق في هذه وإن جاز في غيرها من أخواتها نحو علمت زيدا من هو ، وقال السفاقسي في قوله - تعالى - : أرأيتك هذا الذي كرمت علي هنا وجوه أحدها للزمخشري أن التي بمعنى أخبرني إنما تدخل على جملة ابتدائية يكون الخبر فيها استفهاما ، فإن لم يصرح به فمقدر ، اهـ . وهو صريح في المقصود كما لا يخفى ( رواه أحمد ) .




الخدمات العلمية