الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 82 ] بحث في حكم المكره

قال الحافظ ابن رجب في شرح الأربعين : اتفق العلماء على أنه لو أكره على قتل معصوم لم يبح له أن يقتله ، فإنه إنما يقتله باختياره افتداء لنفسه من القتل ، هذا إجماع من العلماء المعتد بهم ، فإذا قتله في هذه الحالة فالجمهور على أن المكره ، والمكره يشتركان في وجوب القود عليهما لاشتراكهما في القتل ، وهو قول مالك والشافعي في المشهور وأحمد .

وقيل : يجب على المكره وحده ; لأن المكره صار كالآلة ، وهذا قول أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي . قال في الإقناع : وإن أكره مكلفا على قتل معين فقتله فالقصاص عليهما يعني المكره ، والمكره ، وإن كان غير معين كقوله : اقتل زيدا ، أو عمرا ، أو أحد هذين فليس إكراها ، فإن قتل أحدهما قتل به ، وإن أكره سعد زيدا على أن يكره عمرا على قتل بكر فقتله قتل الثلاثة جزم به في الرعاية الكبرى انتهى ، وكذا لو أكره على الزنا ، فإنه لا يباح له كما لا يباح له فعله بالاضطرار إلى الجماع .

قال شيخ الإسلام قدس الله روحه : يرخص أكثر العلماء فيما يكره عليه من المحرمات لحق الله سبحانه وتعالى كأكل الميتة وشرب الخمر ، وهو ظاهر مذهب أحمد رضي الله عنه . وبه تعلم أن استثناء الناظم الخمر بقوله : ( غير الخمور ) فلا تحل بالإكراه فعلى هذا يحد شاربها كما لو لم يكن مكرها ( بأوكد ) مبني على ضعيف ، وهو رواية في المذهب اختارها أبو بكر في التنبيه . والرواية الثانية ، وهي المذهب المعتمد عدم المؤاخذة والحد ; لأن الخمرة تباح لمضطر لإساغة نحو لقمة بها إذا لم يجد غيرها حيث خاف التلف على نفسه .

قال في الفروع : ويقدم بولا يعني على المسكر إذا غص وعليهما ماء متنجسا والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية