الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
تنبيه

ذكر بعضهم ضابطا في هذه المسألة ، فقال : إذا دخل الشرط على الشرط ، فإن كان الثاني بالفاء فالجواب المذكور جوابه ، وهو وجوابه جواب الشرط الأول ، كقوله - تعالى - : فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ( البقرة : 38 ) . وإن كان بغير الفاء ؛ فإن كان الثاني متأخرا في الوجود عن الأول ، كان مقدرا بالفاء وتكون الفاء جواب الأول ، والجواب المذكور جواب الثاني ، نحو : إن دخلت المسجد إن صليت فيه فلك أجر . تقديره : فإن صليت فيه . فحذفت الفاء لدلالة الكلام عليها . وإن كان الثاني متقدما في الوجود على الأول ، فهو في نية التقديم وما قبله جوابه ، والفاء مقدرة فيه ، كقوله - تعالى - : ولا ينفعكم نصحي ( هود : 34 ) تقديره : إن أراد الله أن يغويكم ، فإن أردت أن أنصح لكم لا ينفعكم نصحي .

وأما إن لم يكن أحدهما متقدما في الوجود ، وكان كل واحد منهما صالحا لأن يكون [ ص: 473 ] هو المتقدم ، والآخر متأخرا ، كقوله - تعالى - : وامرأة مؤمنة إن وهبت ( الأحزاب : 50 ) كان الحكم راجعا إلى التقدير والنية ، فأيهما قدرته الشرط كان الآخر جوابا له .

وإن كان مقدرا بالفاء كان المتقدم في اللفظ أو المتأخر ، فإن قدرنا الهبة شرطا كانت الإرادة جوابا ، ويكون التقدير : إن وهبت نفسها للنبي فإن أراد النبي أن يستنكحها . وإن قدرنا الإرادة شرطا كانت الهبة جزاء ، وكان التقدير : إن أراد النبي أن يستنكحها ، فإن وهبت نفسها للنبي . وعلى كلا التقديرين ، فجواب الشرط الذي هو الجواب محذوف ، والتقدير : فهي حلال لك . وقس عليه ما يرد عليك من هذا الباب .

التالي السابق


الخدمات العلمية