الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو باع إلى هذه [ ص: 455 ] الآجال ثم تراضيا بإسقاط الأجل قبل أن يأخذ الناس في الحصاد والدياس وقبل قدوم الحاج جاز البيع أيضا . وقال زفر رحمه الله : لا يجوز ; لأنه وقع فاسدا فلا ينقلب جائزا وصار كإسقاط الأجل في النكاح إلى أجل ) ولنا أن الفساد للمنازعة وقد ارتفع قبل تقرره وهذه الجهالة في شرط زائد لا في صلب العقد فيمكن إسقاطه ، بخلاف ما إذا باع الدرهم بالدرهمين ثم أسقطا الدرهم الزائد ; لأن الفساد في صلب العقد [ ص: 456 ] وبخلاف النكاح إلى أجل ; لأنه متعة وهو عقد غير عقد النكاح ، وقوله في الكتاب ثم تراضيا خرج وفاقا ; لأن من له الأجل يستبد بإسقاطه ; لأنه خالص حقه .

التالي السابق


( قوله ولو باع إلى هذه [ ص: 455 ] الآجال ثم تراضيا على إسقاط الأجل ) قبل أن يجيء بأن أسقطاه ( قبل أن يأخذ الناس في الدياس والحصاد وقبل قدوم الحاج جاز البيع أيضا ) كما جاز إذا عقد بلا أجل ثم ألحق هذه الآجال ( وقال زفر : لا يجوز ) وتقييده بهذه الآجال لإخراج نحو التأجيل بهبوب الريح ونزول المطر ، فإنه لو أجل بها ثم أسقطه لا يعود صحيحا اتفاقا .

وجه قوله إن العقد فاسد ( فلا ينقلب جائزا كإسقاط الأجل في النكاح إلى أجل ) وكالإشهاد عليه بعد عقده بلا شهود لا ينقلب جائزا ، وبيع الدرهم بالدرهمين إذا سقطا الدرهم لا يعود صحيحا ( ولنا ) أن هذه الجهالة مانع من لزوم العقد وليس في صلب العقد بل في اعتبار أمر خارج هو الأجل ، وصلب العقد البدلان مع وجود المقتضي للصحة وهو مبادلة المال بالمال على وجه التراضي ، فإذا زال المانع قبل وجود ما يقتضي سبب الفساد وهو المنازعة عند المطالبة الكائنة عند مجيء الوقت ظهر عمل المقتضي وهو معنى انقلابه صحيحا ، بخلاف ما قاس عليه من الإشهاد المتأخر فإن عدم الإشهاد عدم الشرط وبعد وقوع المشروع فاسدا لعدم المشروط لا يعود ذلك بعينه صحيحا ، مثلا : إذا صلى بلا وضوء ثم توضأ لا تصير تلك الصلاة صحيحة ، وإنما نظير ما نحن فيه أن يتوضأ قبل عدم المفسد وهو عدم الشرط وذلك قبل الصلاة ، وأما النكاح إلى أجل فليس هو عقد النكاح بل عقد آخر لا وجود له في الشرع بعد نسخ المتعة وعقد من العقود لا ينقلب عقدا آخر فلا يصح إسقاط الدرهم ( لأن الفساد في صلب العقد ) والذي يحتاج بعد هذا إلى الجواب ما إذا سقط الرطل الخمر فيما إذا باع بألف ورطل خمر نص محمد على جواز البيع [ ص: 456 ] وانقلابه صحيحا في آخر الصرف . اللهم إلا أن يقال .

هو تبع للألف الثمن في بيع المسلم . بخلاف ما إذا باع بالخمر فإنه حينئذ يتعين كون الخمر هو الثمن ويفسد إذ لا مستتبع هناك ، هذا وإلحاق زفر بالنكاح إلى أجل بطريق الإلزام فإنه يجيز النكاح الموقت . ثم قول المصنف رحمه الله ( وقوله في الكتاب تراضيا ) أي قول القدوري في مختصره




الخدمات العلمية