الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        4131 - حدثنا محمد بن عمرو بن تمام ، قال : ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، قال : حدثني ميمون بن يحيى ، عن مخرمة بن بكير ، عن أبيه ، قال : سمعت نافعا - مولى ابن عمر - يقول : قال ابن عمر : إذا عرض للمحرم عدو فإنه يحل حينئذ ، قد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حبسته كفار قريش في عمرته عن البيت ، فنحر هديه وحلق وحل هو وأصحابه ، ثم رجعوا حتى اعتمروا من العام المقبل .

                                                        فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل بالاختصار في عمرته ، بحصر العدو إياه حتى نحر الهدي 34 ، دل ذلك أن كذلك حكم المحصر ، لا يحل بالإحصار حتى ينحر الهدي .

                                                        [ ص: 250 ] وليس فيما رويناه أول خلاف لهذا عندنا ؛ لأن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كسر أو عرج فقد حل " فقد يحتمل أن يكون ، فقد حل له أن يحل ، لا على أنه قد حل بذلك من إحرامه .

                                                        ويكون هذا كما يقال : " قد حلت فلانة للرجال " إذا خرجت من عدة عليها من زوج قد كان لها قبل ذلك ، ليس على معنى أنها قد حلت لهم ، فيكون لهم وطؤها ولكن على معنى أنه قد حل لهم أن يتزوجوها تزوجا ، يحل لهم وطؤها . هذا كلام جائز مستساغ .

                                                        فلما كان هذا الحديث قد احتمل ما ذكرنا ، وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عروة عن المسور ما قد وصفنا ثبت بذلك هذا التأويل .

                                                        وقد بين الله عز وجل ذلك في كتابه بقوله عز وجل : فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله .

                                                        فلما أمر الله تعالى المحصر أن لا يحلق رأسه حتى يبلغ الهدي محله ، علم بذلك أنه لا يحل المحصر من إحرامه إلا في وقت ما يحل له حلق رأسه .

                                                        فهذا قد دل عليه قول الله تعالى ثم فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية .

                                                        والدليل على صحة ذلك التأويل أيضا ، أن حديث الحجاج بن عمرو قد ذكر عكرمة أنه حدثه ابن عباس وأبا هريرة رضي الله عنهما فقال: لا ، صدق .

                                                        فصار ذلك الحديث ، عن ابن عباس ، وعن أبي هريرة رضي الله عنهم أيضا .

                                                        وقد قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في المحصر ، ما قد وافق التأويل الذي صرفنا إليه حديث الحجاج .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية