الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( لا إن غاب أو لا )

                                                                                                                            ش : قال في المدونة ، قال مالك : والغائب في شفعته وإن طالت غيبته وهو عالم بالشراء فإن لم يعلم فذلك أحرى ولو كان حاضرا ، قال ابن يونس ، قال ابن المواز ، وقاله مالك وأصحابه وقد روى أشهب { أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ينتظر إن كان غائبا } ، قال أشهب : وقضى عمر بن عبد العزيز بالشفعة للغائب بعد أربع سنين ، قال مالك إلا أن يقوم بعد طول الزمان مما يجهل في مثله أصل البيع ويموت الشهود فأرى الشفعة منقطعة فأما في قرب الأمد مما يرى أن المبتاع أخفى الثمن لقطع الشفعة فلتقوم الأرض على ما يرى من ثمنها يوم البيع فيأخذها بها ، انتهى .

                                                                                                                            وقال الرجراجي في قول المدونة : وإن طالت غيبته إلا أن يطول الزمان جدا فيما يجهل في مثله أصل البيع ويموت الشهود فإن ذلك يقطع [ ص: 323 ] شفعته وهو قول مالك في كتاب محمد ، انتهى . وانظر سماع ابن القاسم من كتاب الشفعة ، وقال في النوادر من كتاب محمد وهو في العتبية من سماع ابن القاسم وإذا قال المبتاع : نسيت الثمن فإن مضى طول من السنين ما يندرس فيه العلم وتموت البينة وترتفع فيها التهمة فالشفعة ساقطة وكذلك إن كان صغيرا أو غائبا وأما إن كان على غير ذلك فالشفعة قائمة بقيمة الشقص ، قال ابن عبدوس ، قال ابن الماجشون : إذا جاء الشفيع إلى ولد المبتاع بعد طول الزمان فيحلف ما عنده علم ذلك ثم يأخذ بالقيمة وكذلك لو كان المبتاع حيا ، قال : لا أدري بكم اشتريت فيحلف فإن نكل أخذه الشفيع إن شاء وقيل للمبتاع : متى أحببت حقك فخذه وإن حلفت فلك قيمته يوم أسلمته إلى الشفيع وإن قال الشفيع : لا أقبضه لعل ثمنه كثير فلا بد أن يحلف المبتاع ما يعلمه أو يسجن ، وقال غيره : إذا اختلفوا في الثمن فجاء المشتري بما لا يشبه أو جهلوا الثمن استشفعه بقيمته يوم ابتاعه ، انتهى .

                                                                                                                            وقال اللخمي : اختلف إذا قال المشتري : نسيت الثمن وطال السنون مما ينسى فيه الثمن أو مات المشتري ، وقال الورثة : لا علم عندنا وكان الشفيع غائبا أو صغيرا ، فقال ابن القاسم في كتاب محمد ونقل كلام النوادر المتقدم برمته ولفظه وزاد بعده فأسقط ابن القاسم الشفعة إن طال السنون وأثبتها عبد الملك بالقيمة ولم يبين هل القيمة يوم البيع أو اليوم ؟ والقول أن لا شفعة أحسن ; لأن الشفعة كانت لتغليب أحد الضررين أن يعود إلى هذا ثمنه ويشفع الآخر بدفع مضرة الشريك وإذا جهل الثمن وأمكن أن يؤخذ بأقل مما كان به وذلك ظلم على المشتري لم يؤخذ منه ، انتهى . قال في المسائل الملقوطة : ومما يسقط الشفعة أن ينسيا الثمن أو يجهلاه وإن بموت الشهود ، قال : وفي ذلك خلاف ، انتهى . بالمعنى ، وقال الجزيري في وثائقه وبجهله الثمن مع طول الزمان وموت الشهود يسقط الشفعة وإن قرب واتهم البائع بإخفاء الثمن شفع بقيمة الشقص ، انتهى .

                                                                                                                            ( تنبيه ) علم من كلام ابن يونس والنوادر أنه إذا تجاهل المشتري الثمن في الأمد القريب أنه يؤخذ الشقص بقيمته إلا أن في النوادر لم يقل يوم البيع وصرح بذلك ابن يونس وصرح بذلك ابن بطال في مقنعه ، فقال : يأخذه بقيمته يوم ابتاعه المبتاع ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية