الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4557 ) فصل : ولا يخلو اللقيط من أن يوجد في دار الإسلام ، أو في دار الكفر ، فأما دار الإسلام فضربان ; أحدهما ، دار اختطها المسلمون ، كبغداد والبصرة والكوفة ، فلقيط هذه محكوم بإسلامه ، وإن كان فيها أهل الذمة تغليبا للإسلام ولظاهر الدار ، ولأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه . الثاني دار فتحها المسلمون ، كمدائن الشام ، فهذه إن كان فيها مسلم واحد حكم بإسلام لقيطها ; لأنه يحتمل أن يكون لذلك المسلم ، تغليبا للإسلام .

                                                                                                                                            وإن لم يكن فيها مسلم ، بل كل أهلها ذمة حكم بكفره ; لأن تغليب حكم الإسلام إنما يكون مع الاحتمال . وأما بلد الكفار فضربان أيضا أحدهما بلد كان للمسلمين ، فغلب الكفار عليه ، كالساحل ، فهذا كالقسم الذي قبله ، إن كان فيه مسلم واحد حكم بإسلام لقيطه ، وإن لم يكن فيه مسلم فهو كافر . وقال القاضي : يحكم بإسلامه أيضا ; لأنه يحتمل أن يكون فيه مؤمن يكتم إيمانه ، بخلاف الذي قبله ، فإنه لا حاجة به إلى كتم إيمانه في دار الإسلام

                                                                                                                                            وإن كان في بلد كان للمسلمين ، ثم غلب عليه المشركون ، ثم ظهر عليه المسلمون ، وأقروا فيه أهله بالجزية ، فهذا كالقسم الثاني من دار الإسلام .

                                                                                                                                            [ ص: 36 ] الثاني دار لم تكن للمسلمين أصلا . كبلاد الهند والروم ، فإن لم يكن فيها مسلم ، فلقيطها كافر ; لأن الدار لهم وأهلها منهم ، وإن كان فيها مسلمون كالتجار وغيرهم ، احتمل أن يحكم بإسلامه ، تغليبا للإسلام ، واحتمل أن يحكم بكفره ، تغليبا للدار والأكثر

                                                                                                                                            وهذا التفصيل كله مذهب الشافعي . قال ابن المنذر : أجمع عوام أهل العلم ، على أن الطفل إذا وجد في بلاد المسلمين ، ميتا في أي مكان وجد ، أن غسله ودفنه في مقابر المسلمين يجب ، وقد منعوا أن يدفن أطفال المشركين في مقابر المسلمين . قال : وإذا وجد لقيط في قرية ليس فيها إلا مشرك ، فهو على ظاهر ما حكموا به أنه كافر . هذا قول الشافعي وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية