الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قال بعتكه بكذا فقال بل وهبتنيه فلا تحالف ) ؛ لأنهما لم يتفقا على عقد واحد ( بل يحلف كل على نفي دعوى الآخر ) كسائر الدعاوى ، وهذا ، وإن علم مما قدمه لكنه ذكره توطئة لرد الزوائد الخفي المشكل فقال ( فإذا حلفا رده ) وجوبا ( مدعي الهبة [ ص: 482 ] بزوائده ) المتصلة والمنفصلة فإن فاتت غرمها ؛ لأنه لا ملك له واستشكلت المنفصلة باتفاقهما على حدوثها بملكه وقد يثبت الفرع دون الأصل وأجاب عنه الزركشي بأن دعوى الهبة وإثباتها لا يستلزم الملك لتوقفه على القبض بالإذن ، ولم يوجد ، وفيه نظر لتأتي ذلك فيما لو ادعى الهبة والقبض فالوجه الجواب بأنه ثبت بيمين كل أن لا عقد فعمل بأصل بقاء الزوائد بملك مالك العين نعم في الأنوار لا أجرة له أي : عملا باتفاقهما أنه إنما استعمل ملكه وكان الفرق أنه يغتفر في المنافع ما لا يغتفر في الأعيان لما مر أن البائع قبل القبض يضمن الزوائد دون المنافع ويجري ذلك فيما لو قال لآخر دابتي تحت يدك ببيع فأنكر وحلف فلا أجرة له عليه لاعترافه بأنها ملكه ونظير ذلك ما لو طالبه بائعه بالثمن فقال المبيع لزوجتك فله أخذه منه ثم لها انتزاع المبيع منه لإقراره ، ولا رجوع له بالثمن على البائع ؛ لأنه بشرائه منه مصدق له ، ولو قال نعم لها لكنها وكلتني أجبر المشتري على دفع الثمن إليه ؛ لأنه بشرائه منه مقر بصحة قبضه قاله القاضي قال الغزي والقياس أن للمشتري إجبار البائع على إثبات وكالته على القبض منه ، ولو اشترى شجرا واستغله سنين ثم طالبه بائعه بالثمن فأنكر الشراء حلف عليه كما هو القاعدة ثم رد المبيع ، ولا يغرمه البائع ما استغله ؛ لأنه يزعم أنه استغل ملكه من غير أن يوجد رافع لزعمه ، وبه فارق مسألة المتن وإنما يدعي عليه الثمن وقد تعذر يحلف المشتري فللبائع حينئذ [ ص: 483 ] فسخ البيع الذي اعترف به

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 482 ] فلا أجرة له إلخ ) قياس ما يأتي في شراء الشجر والفرق الآتي لنا أنه هنا لو استعمل الزوائد المنفصلة لم يكن للبائع تغريمه إياها فليتأمل ( قوله : ولا يغرمه ) لا يستشكل برد الزوائد في مسألة المتن ؛ لأنه يفرق بأنه فيها عين الجهة التي زعم الاستحقاق بها ، وقد دفعها المالك بحلفه على نفيها ، وهنا لم يعين جهة وجاز أن يكون هناك جهة استحقاق [ ص: 483 ] له ( قوله : فسخ البيع ) هل المراد له ذلك باطنا إذ لم يثبت بيع ظاهرا



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وهبتنيه ) أي : أو رهنتنيه نهاية ومغني ( قوله : وإن علم مما قدمه ) أي : من قوله ثم اختلفا في كيفية [ ص: 482 ] إلخ ؛ لأن هذا اختلاف في أصله لا في كيفيته فعلمه مما قدمه بطريق المفهوم قول المتن ( بزوائده ) يتردد النظر في حل أخذ الزوائد باطنا ؛ لأنه يعتقد أنه ملك الآخر ولعل الأقرب عدم الحل ا هـ سيد عمر وسيأتي عن ع ش ما يؤيده بل يجري ذلك في الأصل أيضا فإن أراد الحل باطنا فيفسخ البيع الذي اعترف به كما يأتي قبيل قول المتن ، ولو ادعى إلخ وكما قدمنا عن المغني في فسخ الكاذب من المتحالفين قول المتن ( مدعي الهبة ) أي : أو الرهن نهاية ومغني ( قوله : المتصلة ) إلى المتن في النهاية ( قوله : غرمها ) أي الزوائد ويرجع في مقدار بدلها للغارم ا هـ ع ش ( قوله : لا ملك له ) أي : المشتري ( قوله واستشكلت المنفصلة ) أي : ردها في مسألة المتن ا هـ رشيدي أي : أو تعليله بأنه لا ملك له ( قوله : باتفاقهما إلخ ) أي : بدعواه الهبة وإقرار البائع فهو كمن وافق على الإقرار له بشيء وخالفه في الجهة ا هـ مغني ( قوله : لتأتي ذلك ) أي : ما في المتن ( قوله الجواب بأنه إلخ ) عبارة المغني بأن كلا منهما قد أثبت بيمينه نفي دعوى الآخر فتساقطتا ، ولو سلم عدم تساقطهما فمدعي الهبة لم يوافق المالك على ما أقر له به من البيع فلا يكون كالمسألة المشبه بها فالعبرة بالتوافق على نفس الإقرار لا على لازمه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : نعم في الأنوار إلخ ) اعتمده المغني والنهاية أيضا ( قوله : لا أجرة له ) أي : للبائع لو استعمله مدعي الهبة أي : مع أن قضية رد الزوائد وتعليله بما مر ثبوت الأجرة له ( قوله : أي عملا إلخ ) قياس ما يأتي من شراء الشجر والفرق الآتي لنا أنه هنا لو استعمل الزوائد المنفصلة لم يكن للبائع تغريمه إياها فليتأمل ا هـ سم ( قوله : أنه إنما استعمل ملكه ) الضمائر للمشتري بقي ما لو كان جارية ووطئها المشتري فهل يلزمه المهر أم لا فيه نظر والأقرب الثاني وإذا حبلت منه فالولد حر نسيب ، ولا يلزمه قيمته لإقرار البائع بأنها ملك المشتري ولا حد عليه أيضا للشبهة وإذا ملكها بعد ذلك صارت مستولدة عليه مؤاخذة له بقوله الأول ، وهذا كله في الظاهر ا هـ ع ش وهذا يؤيد ما مر من السيد عمر ( قوله : وكان الفرق ) أي : بين الزوائد المنفصلة والأجرة حيث يستحق الأولى دون الثانية ( قوله : ويجري ذلك ) أي : عدم استحقاق الأجرة ( قوله : فأنكر وحلف ) أي : على عدم الشراء فلو قال استعرتها ، أو استأجرتها ، أو عين جهة أخرى فسيأتي الكلام على ذلك في آخر كتاب العارية ا هـ ع ش ( قوله : لاعترافه ) أي : مدعي البيع وقوله : ( بأنها ملكه ) أي : المنكر وقوله : ( فقال ) أي المشتري وقوله : ( فله أخذه منه ) أي : للبائع أخذ الثمن من المشتري وقوله : ( ثم لها ) أي الزوجة ا هـ ع ش ( قوله : منه ) إلى قوله منه مصدق ضمائر المذكر للمشتري .

                                                                                                                              ( قوله : منه مصدق له ) الضميران المجروران للبائع ( قوله : ولو قال ) أي : البائع ، وكذا ضمير إليه ( قوله : لأن بشرائه ) أي : المشتري ( منه ) أي : البائع ( قوله : بصحة قبضه ) أي : قبض البائع الثمن من المشتري ( قوله : على إثبات وكالته ) أي : في القبض كما هو ظاهر ؛ إذ إقدامه على الشراء منه إنما يشعر بتصديقه على الوكالة في مباشرة البيع ، وقد يكون وكيلا فيه فقط ا هـ سيد عمر ( قوله : قبل القبض إلخ ) عبارة النهاية على القبض ا هـ فيحتمل أن قبل في كلام الشارح بكسر القاف وفتح الباء بمعنى الجهة أي : من جهة القبض من المشتري وعلى هذا فلا حاجة لما مر آنفا من السيد عمر من تقدير في القبض ( قوله : حلف عليه ) أي : على عدم الشراء ( قوله : ولا يغرمه إلخ ) لا يستشكل برد الزوائد في مسألة المتن ؛ لأنه يفرق بأنه فيها عين الجهة التي زعم الاستحقاق بها ، وقد رفعها المالك بحلفه على نفيها ، وهنا لم يعين جهة وجاز أن يكون هناك جهة استحقاق له سم على حج ا هـ ع ش أي : كما أفاده الشارح بقوله ؛ لأنه يزعم أنه استغل ملكه من غير أن يوجد رافع لزعمه إلخ ( قوله : لأنه يزعم ) أي : البائع ( قوله : إن استغل ملكه ) أي : المنكر ( قوله : وبه فارق إلخ ) أي : بقوله من غير أن يوجد إلخ ( قوله : يدعي إلخ ) أي البائع على المنكر ( قوله : بحلف المشتري ) أي في زعم مدعي البيع ، وإلا فهو منكر [ ص: 483 ] للشراء ( قوله : فسخ البيع ) هل المراد له ذلك باطنا ؛ إذ لم يثبت بيع ظاهرا ا هـ سم أقول نعم أخذا مما قدمنا عن المغني في فسخ الكاذب من المتحالفين ومما يأتي في الشرح قبيل قول المتن ، ولو ادعى صحة البيع




                                                                                                                              الخدمات العلمية