الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                قاعدة :

                الأصل في الكلام الحقيقة .

                وفي ذلك فروع : منها : إذا وقف على أولاده ، أو أوصى لهم ، لا يدخل في ذلك ولد الولد في الأصح لأن اسم الولد حقيقة في ولد الصلب ، وفي وجه نعم ، حملا له على الحقيقة والمجاز . ومنها : لو حلف لا يبيع ، أو لا يشتري ، أولا يضرب عبده فوكل في ذلك ، لم يحنث حملا للفظ على حقيقته وفي قول : إن كان ممن لا يتولاه بنفسه ، كالسلطان ، أو كان المحلوف عليه مما لا يعتاد الحالف فعله بنفسه ، كالبناء ونحوه حنث إذا أمر بفعله .

                ومنها : لو قال : وقفت على حفاظ القرآن لم يدخل فيه من كان حافظا ونسيه ، لأنه لا يطلق عليه حافظ إلا مجازا باعتبار ما كان نقله الإسنوي عن البحر .

                ومنها : وقف على ورثة زيد وهو حي ، لم يصح لأن الحي لا ورثة له . قاله في البحر أيضا : قال الإسنوي : ولو قيل : يصح ، حملا على المجاز : أي ورثته لو مات لكان محتملا .

                ومنها : لو حلف لا يبيع أو لا يشتري ، أو لا يستأجر ، أو نحو ذلك لم يحنث إلا بالصحيح ، دون الفاسد ، بناء على أن الحقائق الشرعية إنما تتعلق بالصحيح ، دون الفاسد .

                ومنها : لو قال : هذه الدار لزيد كان إقرارا له بالملك ، حتى لو قال أردت أنها مسكنه لم يسمع .

                ومنها : لو حلف لا يدخل دار زيد لم يحنث إلا بدخول ما يملكها ، دون ما يسكنها بإعارة أو إجارة ; لأن إضافتها إليه مجاز ، إلا أن يريد مسكنه ، ولو حلف لا يدخل مسكنه لم يحنث بدخول داره التي هي ملكه ولا يسكنها في الأصح ; لأنها ليست مسكنه حقيقة .

                ومنها : لو حلف لا يأكل من هذه الشاة ، حنث بلحمها ، لأنه الحقيقة ، دون لبنها ونتاجها لأنه مجاز . نعم ، إن هجرت الحقيقة تعين العمل بالمجاز الراجح ، كأن حلف [ ص: 64 ] لا يأكل من هذه الشجرة ، فإنه يحنث بثمرها ، وإن كان مجازا دون ورقها وأغصانها وإن كان حقيقة .

                ( تنبيه )

                قد يشكل على هذا الأصل ما لو حلف لا يصلي ، فالأصح في أصل الروضة أنه يحنث بالتحرم وفي وجه : لا يحنث إلا بالفراغ ; لأنها قد تفسد قبل تمامها ، فلا يكون مصليا حقيقة وهذا هو قياس القاعدة ، وفي ثالث : لا يحنث حتى يركع ; لأنه حينئذ يكون أتى بالمعظم ، فيقوم مقام الجميع والرافعي حكى الأوجه في الشرح ، ولم يصحح شيئا .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية