الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
307 [ 245 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا يحيى بن حسان، عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ يعني بمثله.

التالي السابق


الشرح

حديث أنس صحيح، رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك، وأبو داود عن القعنبي عنه، ومسلم عن يحيى بن يحيى وغيره عن سفيان عن ابن شهاب، وأخرجه البخاري أيضا من طريق [ ص: 457 ] حميد عن أنس.

وحديث عائشة ليحمل على ما روي أنها قالت: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شاك فصلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا وهذا صحيح أيضا، أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، ومسلم وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبدة بن سليمان عن هشام، وفي الباب عن أبي هريرة وجابر، وابن عمر، ومعاوية.

وقوله: فجحش شقه الأيمن يقال: جحش فهو مجحوش إذا أصابه مثل الخدش أو أكثر، وانسحج جلده، وفي بعض الروايات فجحشت ساقه أو كتفه.

وقوله: إنما جعل الإمام أي: نصب أو اتخذ أو نحوهما، ويجوز أن يريد: إنما جعل الإمام إماما.

وقوله: فصلوا جلوسا أجمعون هكذا رواه أكثرهم وهو تأكيد للضمير، ورواه آخرون: أجمعين على الحال.

وقوله: وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا قد يحتج بظاهره على أن المأموم ينبغي أن يتابع الإمام في أفعاله، فلا يبتدئ بالركوع إلا عند ابتداء الإمام به، ولا بالرفع إلا بعد ابتداء الإمام به، ويروى عن البراء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: سمع الله لمن حمده لم يحن [ ص: 458 ] أحد منا ظهره حتى يقع النبي - صلى الله عليه وسلم - ساجدا ثم نقع سجودا بعده.

وقوله: إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد فيه متمسك ظاهر لمن قال: إن الإمام يقول في الاعتدال: سمع الله لمن حمده، والمأموم يقول: ربنا لك الحمد.

وقوله: وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا يقتضي الجلوس عند جلوس الإمام، وفيه اختلاف للعلماء، قال الأكثرون: هذا كان في ابتداء الأمر، ثم نسخ بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرضه جالسا والناس قيام خلفه، وهذا ما أورده الشافعي في الأم وحكاه البخاري في الصحيح عن الحميدي، وجرى آخرون على قضية الحديث وبه قال في الصحابة: جابر، وأبو هريرة، وأسيد بن حضير، وتابعهم أحمد، وإسحاق، وحكاه الخطابي عن ابن خزيمة، وقيل: ابن المنذر قال هؤلاء: والرواية في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرضه مختلفة، ففي بعض الروايات أنه صلى بهم جالسا وهم قيام، وفي بعضها أنه صلى مقتديا بأبي بكر رضي الله عنه، وحديث أنس محكم لا يترك بما اضطربت الرواية فيه، وقد يؤيد القول الأول بالقياس، فإن ترك الواجب لعجز الغير بعيد.

وفي الحديث حجة على مالك حيث قال: العاجز عن القيام لمرض وغيره لا يؤم، قال الشافعي في الأم: ومن صلى بقوم جالسا وهو يطيق القيام فصلاته فاسدة وصلاتهم صحيحة؛ لأنهم لم يكلفوا أن يعلموا أنه يطيق القيام أم لا، وقد يجد الرجل من نفسه ما يخفى على الناظر




الخدمات العلمية