الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4330 [ 2256 ] وعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، وليس بالأبيض الأمهق، ولا بالآدم، ولا بالجعد القطط، ولا بالسبط، بعثه الله على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، وتوفاه الله على رأس ستين سنة، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.

                                                                                              وفي رواية: كان أزهر.

                                                                                              رواه أحمد ( 3 \ 240 )، والبخاري (3548)، ومسلم (2347)، والترمذي (3623). [ ص: 139 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 139 ] و (قوله: " ليس بالطويل البائن ") أي: الذي يباين الناس بزيادة طوله، وهو الذي عبر عنه في الرواية الأخرى: " بالمشذب " وفي الأخرى: " بالممعط " بالعين والغين، أي: المتناهي في الطول، وهو عند العرب: العشنق، والعشنط.

                                                                                              و (قوله: " ولا بالقصير المتردد ") أي: الذي تداخل بعضه في بعض، وهو المسمى عند العرب: بحنبل، وأقصر منه: الحنتل. وكلا الطرفين مستقبح عند العرب، وخير الأمور أوساطها. وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله.

                                                                                              و (قوله: " ليس بالأبيض الأمهق ") أي: الشديد البياض، الذي لا يخالط بياضه حمرة، ولا غيرها. والعرب تكرهه؛ لأنه يشبه البرص.

                                                                                              و (قوله: " ليس بالآدم ") أي: الذي تغلب سمرته السواد، فإن السمرة بياض يميل إلى سواد، والسحمة - بالسين - فوقه، ثم الصحمة - بالصاد - فوقه، وهو غالب لون الحبشة، ثم الأدمة فوقه، وهو غالب ألوان العرب. والنبي صلى الله عليه وسلم كان بياضه مشربا بحمرة في صفاء، فصدق عليه أنه أزهر. وأنه مشرب، وهذا اللون: هو أعدل الألوان وأحسنها.

                                                                                              و (قوله: " ولا بالجعد القطط ") يروى بفتح الطاء وكسرها، وهو الشديد الجعودة الذي لا يطول إلا باليد، وهو حال شعور السودان.

                                                                                              و (قوله: " ولا بالسبط ") يعني المسترسل الذي لا تكسر فيه، وهو غالب شعور الروم ، والرجل هو الوسط بين ذينك.

                                                                                              [ ص: 140 ] و ( قول أنس : " بعثه الله على رأس أربعين سنة ") يعني: من مولده، أي: عند كمالها بعثه الله رسولا. وهذا هو أكثر الأقوال، وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه بعث على رأس ثلاث وأربعين سنة، وهو قول سعيد بن المسيب .

                                                                                              و (قوله: " فأقام بمكة عشرا ") يعني: بعد البعث وقبل الهجرة. وهذا مما اختلف فيه. فقيل: عشر، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة، ولم يختلف أنه أقام بالمدينة عشرا.

                                                                                              و (قوله: " وتوفاه الله على رأس ستين سنة ") هذا أحد قولي أنس ، وفي الرواية الأخرى عنه: " ثلاث وستين ". ووافقه على ذلك: عبد الله بن عباس ومعاوية وعائشة ، وهو أصح الأقوال، وأصح الروايات على ما ذكره البخاري . وقد ذكر عن أنس : خمس وستين سنة، وهي الرواية الأخرى عن ابن عباس ، ولا خلاف أنه صلى الله عليه وسلم ولد عام الفيل.

                                                                                              و (قوله: " وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء ") قد قلنا: إن هذا منه تقدير على جهة التقليل، وذكرنا: أن شيبه كان أكثر من هذا.




                                                                                              الخدمات العلمية