الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2064 حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا شعبة حدثنا أبو بشر قال سمعت أبا المتوكل يحدث عن أبي سعيد أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بحي من العرب فلم يقروهم ولم يضيفوهم فاشتكى سيدهم فأتونا فقالوا هل عندكم دواء قلنا نعم ولكن لم تقرونا ولم تضيفونا فلا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلا فجعلوا على ذلك قطيعا من الغنم قال فجعل رجل منا يقرأ عليه بفاتحة الكتاب فبرأ فلما أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ذكرنا ذلك له قال وما يدريك أنها رقية ولم يذكر نهيا منه وقال كلوا واضربوا لي معكم بسهم قال أبو عيسى هذا حديث صحيح وهذا أصح من حديث الأعمش عن جعفر بن إياس وهكذا روى غير واحد هذا الحديث عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن أبي المتوكل عن أبي سعيد وجعفر بن إياس هو جعفر بن أبي وحشية

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( مروا بحي من العرب ) اعلم أن طبقات أنساب العرب ست : الشعب بفتح الشين ، وهو النسب الأبعد ، كعدنان مثلا وهو أبو القبائل الذين ينسبون إليه ويجمع على شعوب ، والقبيلة : وهي ما انقسم به الشعب كربيعة ومضر ، والعمارة بكسر العين : وهي ما انقسم فيه أنساب القبيلة كقريش وكنانة ويجمع على عمارات وعمائر ، والبطن ، وهي ما انقسم فيه أنساب العمارة كبني عبد مناف وبني مخزوم ويجمع على بطون وأبطن ، والفخذ : وهي ما انقسم فيه أنساب البطن كبني هاشم وبني أمية ويجمع على أفخاذ ، والفصيلة بالصاد المهملة : وهي ما انقسم فيه أنساب الفخذ كبني العباس ، وأكثر ما يدور على الألسنة من الطبقات القبيلة ثم البطن ، وربما عبر عن كل واحد من الطبقات الست بالحي ، إما على العموم مثل أن يقال حي من العرب وإما على الخصوص مثل أن يقال حي من بني فلان ، وقال الهمداني في الأنساب : الشعب والحي بمعنى .

                                                                                                          ( حتى تجعلوا لنا جعلا ) بضم الجيم وسكون المهملة ما يعطى على عمل ( فجعلوا على ذلك قطيعا من غنم ) قال ابن التين : القطيع الطائفة من الغنم ، وتعقب بأن القطيع هو الشيء المتقطع من غنم كان أو غيرها ، وقال بعضهم إن الغالب استعماله فيما بين العشرة والأربعين ، ووقع في رواية الأعمش : فإنا نعطيكم ثلاثين شاة ، وهو مناسب لعدد السرية كما تقدم وكأنهم اعتبروا عددهم فجعلوا الجعل بإزائه .

                                                                                                          ( وما يدريك ) هي كلمة تقال عند التعجب من الشيء وتستعمل في تعظيم الشيء أيضا وهو لائق هنا ، قاله الحافظ ، وفي رواية بعد قوله : وما يدريك أنها رقية ؟ قلت : ألقي في روعي وللدارقطني : فقلت يا رسول الله شيء ألقي في روعي ( ولم يذكر نهيا منه ) أي من النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك

                                                                                                          قوله : ( وهذا ) أي حديث شعبة عن أبي بشر عن أبي المتوكل عن أبي سعيد ( أصح من [ ص: 194 ] حديث الأعمش عن جعفر بن إياس ) قال الحافظ في الفتح بعد نقل كلام الترمذي هذا : وقال ابن ماجه إنها يعني طريق شعبة الصواب ، ورجحها الدارقطني في العلل ولم يرجح في السنن شيئا وكذا النسائي ، والذي يترجح في نقدي أن الطريقين محفوظان لاشتمال طريق الأعمش على زيادات في المتن ليست في رواية شعبة ومن تابعه فكأنه كان عند أبي بشر عن شيخين فحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا ، ولم يصب ابن العربي في دعواه أن هذا الحديث مضطرب ، فقد رواه عن أبي سعيد أيضا معبد بن سيرين ، كما سيأتي في فضائل القرآن ، وسليمان بن قتة كما أخرجه أحمد والدارقطني انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية