الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                فائدة : ذكر البزازي في المناقب عن الإمام البخاري : الرجل لا يصير محدثا كاملا إلا أن يكسب أربعا مع أربع ، كأربع مع أربع ، في أربع عند أربع ، بأربع على أربع ، عن أربع لأربع ، وهذه الرباعيات لا تتم إلا بأربع مع أربع ، فإذا تمت له كلها هانت عليه أربع وابتلي بأربع ، فإذا صبر أكرمه الله تعالى في الدنيا بأربع وأثابه في الآخرة بأربع .

                أما الأولى فأخبار الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وشرائعه ، وأخبار الصحابة ومقاديرهم ، والتابعين وأحوالهم ، وسائر العلماء وتواريخهم .

                مع أربع : أسماء رجالهم وكناهم وأمكنتهم وأزمنتهم .

                كأربع : التحميد مع الخطب ، والدعاء مع الترسل ، والتسمية مع السورة ، والتكبير مع الصلوات .

                مع أربع : المسندات والمرسلات والموقوفات والمقطوعات .

                في أربع : في صغره ، في إدراكه ، في شبابه ، في كهولته .

                عند أربع : عند شغله ، عند فراغه ، عند فقره ، عند [ ص: 127 ] غناه .

                بأربع : بالجبال ، بالبحار ، بالبراري ، بالبلدان .

                على أربع : على الحجارة ، على الأخزاف ، على الجلود ، على الأكتاف إلى الوقت الذي يمكن نقلها إلى الأوراق .

                عن أربع : عمن هو فوقه ، ودونه ، ومثله ، وعن كتاب أبيه إذا علم أنه خطه .

                لأربع : لوجه الله تعالى ، ورضاه وللعمل به إن وافق كتاب الله تعالى ، ولنشرها بين طالبيها ، ولإحياء ذكره بعد موته .

                ثم لا تتم له هذه الأشياء إلا بأربع من كسب العبد وهي : معرفة الكتابة واللغة والصرف والنحو .

                من أربع من عطاء الله تعالى : الصحة والقدرة والحرص والحفظ .

                فإذا تمت له هذه الأشياء هانت عليه أربع : الأهل والولد والمال والوطن .

                وابتلي بأربع : بشماتة الأعداء وملامة الأصدقاء وطعن الجهال وحسد العلماء .

                فإذا صبر أكرمه الله تعالى في الدنيا بأربع : بعز القناعة وهيبة النفس ولذة العلم وحياة الأبد .

                وأثابه في الآخرة بأربع : بالشفاعة لمن أراد من إخوانه بظل العرش حيث لا ظل إلا ظله والشرب من الكوثر وجوار النبيين في أعلى عليين .

                فإن لم يطق احتمال هذه المشاق فعليه بالفقه الذي يمكنه تعلمه وهو في بيته قار ساكن لا يحتاج إلى بعد أسفار ووطء ديار وركوب بحار ، وهو مع ذلك ثمرة الحديث ، وليس ثواب الفقيه وعزه أقل من ثواب المحدث وعزه ( انتهى ) .

                فائدة : قال في آخر المصفى : إذا سئلنا عن مذهبنا ومذهب مخالفينا في الفروع ، يجب علينا أن نجيب بأن مذهبنا صواب يحتمل الخطأ ومذهب مخالفينا خطأ يحتمل [ ص: 128 ] الصواب ; لأنك لو قطعت القول لما صح قولنا إن المجتهد يخطئ ويصيب .

                وإذا سئلنا عن معتقدنا ومعتقد خصومنا في العقائد يجب علينا أن نقول : الحق ما نحن عليه والباطل ما عليه خصومنا .

                هكذا نقل عن المشايخ رحمهم الله تعالى ( انتهى ) .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية