الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1972 - وعن أبي بكرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة " متفق عليه .

التالي السابق


1972 - ( وعن أبي بكرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : شهرا عيد ) أي شهر رمضان وشهر ذي الحجة ، وإنما سمي شهر رمضان شهر عيد بطريق المجاورة أو لأن عيده من أحكامه ولذا سمي عيد الفطر " لا ينقصان " أي غالبا عن الثلاثين ، أو لا ينقصان ثوابا ، ولو نقصا عددا ، أو لا ينقصان معا في سنة واحدة أو في سنة معينة أرادها - صلى الله عليه وسلم - وليس المراد أنهما لا ينقصان حسا كما أجمعوا عليه ، ولا عبرة بمخالفة بعض الشيعة لأنه مخالف للمشاهدة كما ترى ، ومناف لما صح عن جماعة من الصحابة : صمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسعا وعشرين أكثر مما صمنا معه ثلاثين ، ومن ثم قال بعض الحفاظ : صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسع رمضانات فقط ثلاثين كذا في شرح ابن حجر " رمضان وذي الحجة " بدلان أو بيانات ، قال التوربشتي : فيه وجوه ، فمنهم من قال : لا ينقصان معا في سنة واحدة ، وحملوه على غالب الأمر ، ومنهم من قال : إنه أراد تفضيل العمل في العشر من ذي الحجة ، وأنه لا ينقص من الأجر والثواب عن عشر رمضان ، أقول : فالمعنى أنه لا ينقص ثواب العمل في أحدهما عن العمل في الأجر ، ثم قال : ومن قائل ثالث : إنهما لا يكونان ناقصين في الثواب ، وإن وجدا ناقصين في عدد الحساب ، وهذا الوجه أقوم وأشبهها بالصواب اهـ ، فثواب تسع وعشرين كثواب ثلاثين منهما ، كذا قاله الطيبي ، وغيره ، وفيه بحثان : الأول أنه كيف يستوي الكثير والقليل في العبادة وقد قال - تعالى - من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها والثاني إن ذا الحجة ليس في نقصانه الثواب حتى يقال ثواب ذي الحجة ناقص العدد ككامله ، وقد يجاب عن الأول لأن الثواب الإجمالي الوارد في رمضان كقوله : من صام رمضان عفر له - يكون على وجه الكمال سواء تم أو نقص الهلال ، ويمكن أن يكون هذا أيضا جوابا عن الثاني ، ووجه الاختصاص بالتفضيل الإلهي الخاص بهذين الشهرين ، وفي النهاية : أي لا ينقصان في الحكم ، إذ لا جناح بسبب الخطأ في العيد ، أي أنه لا يعرض في قلوبكم شك إذا صمتم تسعا وعشرين يوما أو إن وقع في الحج خطأ لم يكن في نسككم نقص ، قال ابن حجر : أي لا ينقص ثواب الحجة عن ثواب رمضان ، لأن فيه المناسك والعشر ، وقيل : إن ثوابهما المترتب عليهما من حيث الصيام والقيام والحج وغير ذلك ، ومن ثم خصا بالذكر لأنهما ليسا كغيرهما في الفضائل التي يتوهم نقصها بنقصهما لا لاختصاص ذلك بهما ، بل كل شهر يثبت عليه فضيلة فهي حاصلة له تم أو نقص لا ينقص ، أو لا ينقصان ثوابا وإن نقص عددهما كما صوبه النووي ، وغيره ، فكل فضيلة ثبتت لرمضان أو الحجة فهي حاصلة ، نقص أو تم ، وقال الطيبي : ظاهر سياق الحديث في بيان اختصاص الشهرين بمزية ليست في سائرها ، وليس المراد أن ثواب الطاعة في سائرها قد ينقص دونها ، فينبغي أن يحمل على الحكم ورفع الجناح والحرج عما عسى أن يقع فيه خطأ في الحكم لاختصاصهما بالعيدين وجواز احتمال الخطأ فيهما ، ومن ثم لم يقل شهرا رمضان وذي الحجة ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية