الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              400 [ 201 ] وعن أنس بن مالك ; قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبرز لحاجته ، فآتيه بالماء ، فيتغسل به .

                                                                                              رواه أحمد ( 3 \ 112 ) ، والبخاري ( 217 ) ، ومسلم ( 271 ) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قول أنس : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتبرز لحاجته ") يتبرز : يخرج إلى البراز من الأرض بحيث يبعد عمن كان معه ، وقد كان يأتي المغمس لحاجته ، وهو من المدينة على نحو الميلين .

                                                                                              و (قوله : " فآتيه بالماء ") دليل على استعمال الخادم فيما يختفي به عن غيره ، وعلى استعمال الماء في إزالة النجو عن هذين المحلين ، وأن الماء ليس من قبل المطعوم فيحترم في هذا ، خلافا لمن شذ من الفقهاء ، ولم ير الاستنجاء بالماء العذب ; لأنه زعم أنه طعام ، وخلافا لما قال سعيد بن المسيب في الاستنجاء بالماء : إنما ذلك وضوء النساء . ولا شك في أن الماء أولى من الحجارة ; ولأجل هذا أنزل الله تعالى في أهل قباء : فيه رجال يحبون أن يتطهروا [ التوبة : 108 ] ، قال أبو داود : عن أبي هريرة : كانوا يستنجون بالماء ، فنزلت هذه الآية فيهم . وقد شذ ابن حبيب من أصحابنا ، فقال : لا يجوز استعمال الأحجار مع وجود الماء . وهذا ليس بشيء ; إذ قد صح في البخاري من حديث أبي هريرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعمل الحجارة مع وجود الماء في الإداوة مع أبي هريرة يتبعه بها . ولبعد قياس إزالة النجاسة - والمقصود به النظافة - على التيمم وهو محض العبادة ، والله أعلم .

                                                                                              [ ص: 521 ] و (قوله : " فيتغسل به ") كذا صح بالتاء والتشديد ، وهو يدل على المبالغة في غسل تلك المواضع .

                                                                                              وقد روى أبو داود هذا الحديث وزاد فيه : " ثم مسح يده على الأرض " . وهي زيادة حسنة تدل على أنه لا بد من إزالة رائحة النجاسة في غسلها إذا أمكن ذلك ، والله أعلم .

                                                                                              واختلف العلماء في الاستنجاء ; فقال أبو حنيفة : الاستنجاء ليس بفرض ، وإزالة النجاسة فرض ، وقال الجمهور : هو من باب إزالة النجاسة ، إلا أنهم اختلفوا في حكم إزالتها على ثلاثة أقوال : هل هي فريضة مطلقا ، أو سنة مطلقا ، أو هي واجبة بشرط الذكر والقدرة ؟ وهذا اختلاف أصحاب مالك عنه .




                                                                                              الخدمات العلمية