الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[غزوة بني قينقاع]

ومن الحوادث: غزوة بني قينقاع ، وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم قد وادع حين قدم المدينة يهودها على أن لا يعينوا عليه أحدا ، وأنه إذا دهمه بها عدو نصروه . فلما انصرف من بدر أظهروا له الحسد والبغي ، وقالوا: لم يلق محمدا من يحسن القتال ، ولو لاقيناه لاقى عندنا قتالا لا يشبهه قتال أحد ، ثم أظهروا له نقض العهد .

قال ابن إسحاق : فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قينقاع ، وكانوا أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فقال لهم: "يا معشر اليهود ، احذروا من الله عز وجل [مثل] ما نزل بقريش من النقمة ، وأسلموا ، فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل" ، فقالوا:

يا محمد ، إنك ترى أنا كقومك ، لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب ، [فأصبت منهم فرصة ، إنا والله لئن حاربتنا لتعلمن أنا نحن الناس]
.

فخرج للنصف من شوال ، وحمل لواءه يومئذ حمزة ، واستخلف على المدينة أبا لبابة ، فتحصنوا في حصونهم ، فحاصرهم خمسة عشر ليلة ، فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكتفوا وهو يريد قتلهم ، فكلمه فيهم عبد الله بن أبي ، فقال: يا محمد ، أحسن في موالي - وكانوا حلفاء الخزرج - فأعرض عنه فأعاد السؤال ، فأعرض عنه فأدخل يده [ ص: 137 ] في جيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال: يا رسول الله ، أحسن ، قال: "ويحك أرسلني" ، قال: لا والله لا أرسلك حتى تحسن إلى موالي ، أربع مائة حاسر ، وثلاث مائة دارع وقد منعوني من الأسود والأحمر ، تحصدهم في غداة واحدة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هم لك" .

ثم أمر بإجلائهم ، وغنم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ما كان لهم من مال ، فكان أول مال خمس في الإسلام بعد بدر ، ثم انصرف إلى المدينة .

وبعض العلماء يرى أن غزاة بني قينقاع كانت في سنة ثلاث ، وكانت قبلها غزوات .

ومن الحوادث في هذه السنة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فصلى صلاة العيد وضحى هو والأغنياء من أصحابه ، وهو أول عيد أضحى رآه المسلمون يومئذ ، وكان ذلك في سنة ثلاث من هجرته صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية