الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              الخاتمة

              لا نجافي الحقيقة إذا ما أشرنا إلى أن مفهوم التنمية البشرية يمثل تطورا عن المفاهيم السابقة للتنمية، إلا أن نتائجه المرجوة قد تكون بعيدة المنال عن رغبة بلدان العالم الثالث لما تعانيه تلك البلدان من مشاكل، وللظروف الدولية المحدقة بالمعمورة، في وقتنا الحالي.

              إلا أن المفهوم الجديد يعاني من نقص في التشكيل، إذ أنه لا يزال غير محدد بدقة ويكتسب أبعادا جديدة مع ظهور كل تقرير للتنمية البشرية، من جهة أخرى فإنه يخشى أن تكون المرجعية لهذا المفهوم لا تزال بعيدة عن واقع بلدان العالم الثالث، وبالتالي سيكون مآله مآل المفاهيم أو الأنماط السـابقة للتنمية. وهناك معضلة الموارد، إضافة إلى أهم مشكلة تعترضه وهي تقاطعه أحيانا في تنفيذ سياساته مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

              إن مفهوم التنمية في الإسلام مفهوم أوسع وأشمل وواقعي؛ لأنه ينبثق من واقع الأمـة ولأنه معد من قبل الباري عز وجل، وتتمثـل قوة واقعيته في طبيعة الموارد التي حشدها للتنمية ومنها الوقف.

              إن للوقف «الصدقة الجارية» دورا بالغ الأهمية في تحقيق التنمية في الإسـلام، وحتى في التنمية البشـرية المعاصرة؛ ذلك لأن عطاءه استطاع أن يغطي معظم أهداف التنمية البشرية وتجاوزها إلى أبعد من ذلك، فكان للوقف أثره في الارتقاء بالمستوى التعليمي والمعرفي والعلمي للمجتمع والنهوض بالجانب الصحي، كما ساهم في توفير «البنى الارتكازية» للنشاط الاقتصادي وخلق المناخ الآمن الملائم للتنمية. [ ص: 199 ] إن الوقف آلية إسلامية مهمة سعت الشريعة لتوفيرها مبعدة إياها من سطوة السلطة من جهة وجاعلة منها منافسا للقطاع الخاص ليحد من جشعه ولهثه للربح دون حساب، لكي تكون المحصلة المزيد من توفير الخدمة الاجتماعية للمجتمع ككل.

              إن الاجتهاد بما يخدم مصالح الأمة ويضمن اقتراح آليات جديدة لإحياء دور الوقف في حياة المجتمع الإسلامي، يتطلب أولا بعث روح الوقف في قلوب أفراده، وهذا يتطلب بدوره جهودا على الصعد كافة، إعلاميا وثقافيا، وعلى مستوى الحكومة وكذلك على مستوى دوائر الأوقاف ذاتها، التي انحسر دورها أو قد لا تكون معروفة المهام في كثير من بلدان عالمنا الإسلامي.

              ولابد من تأكيد أهمية الاستفادة من التجارب الرائدة كما في تجارب الصناديق والأسهم الوقفية، لما لها من دور في توسيع المشاركة الجماهيرية، لسهولة وتوفر مبلغ السهم عند الكثير من مواطني مجتمعنا الإسلامي.

              ويبقى دور الجامعات أساسيا، وذلك من خلال جعل الوقف أحد المقررات المهمة في نطاق تعلم الطلبة على النطاق الشرعي أو في مجال الاقتصاد الإسلامي، ولكن بروح جديدة وبما يواكب متطلبات العصر، وعقد الورش والندوات والمؤتمرات اللازمة لتطوير البحث فيه.

              هذا ما جاد به قلمي وتمكنت منه معرفتي، فإن كان خيرا فادعو لي ولوالدي بالأجر والثواب، وإن كان غيرها، لا سمح الله، فأرجو المغفرة منه سبحانه وتعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. [ ص: 200 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية