الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وجاز جنازة وسنة ومس مصحف وقراءة وطواف وركعتاه بتيمم فرض أو نفل إن تأخرت ) .

                                                                                                                            ش قال ابن غازي : ظاهره أن هذه الأشياء يجوز أن تصلى بعد الفرض والنفل بتيممهما فما عند ابن الحاجب إلا أنه زاد عليه ذكر الجنازة وعبر عما دون الفرض من الصلوات بالسنة فتكون الرغيبة والنافلة أحرى ( فإن قلت ) أما السنة فما دونها بعد الفرض فجوازها ظاهر ، وكذلك بعد النفل فقد ذكر في النوادر عن ابن القاسم أنه لا بأس أن يوتر بتيمم النفل ، وأما الجنازة إذا تعينت فكيف يصليها بتيمم غيرها ، وأما الطواف فقد أطلقه هنا كابن الحاجب وهو يقول في التوضيح ينبغي أن يقيد بطواف النفل وقال ابن عرفة ونقل ابن الحاجب الطواف بعد الفرض كالنفل لا أعرفه في واجبه فكيف به بعد النفل .

                                                                                                                            ( قلت ) لعل قوله بعد هذا لا فرض آخر أعم من أن يكون أحد الخمس ، أو جنازة تعينت أو طوافا واجبا فيكون قيدا لما أطلق هنا في الجنازة والطواف ، وليس في قوله بعد وبطل الثاني ، ولو مشتركة ما يبعده ، ولا بد علي أني لا أذكر الآن من صرح بجواز التبعية في الجنازة لفرض أو نفل تعينت أم لا ( فإن قلت ) قوله إن تأخرت إنما يحسن اشتراطه في تيمم الفرض لا النفل .

                                                                                                                            ( قلت ) يمكن أن يكون مفهومه بالنسبة لتيمم الفرض مفهوم مخالفة وبالنسبة لتيمم النفل مفهوم موافقة يعرفه ذهن السامع ، انتهى .

                                                                                                                            وما ذكره ابن غازي حسن لكنه يحتاج إلى ( تنبيهات . الأول ) قال ابن غازي على أني لا أذكر الآن من صرح بجواز التبعية في الجنازة لفرض أو نفل تعينت أم لا .

                                                                                                                            ( قلت ) صرح به سند ونقله عن مالك في المجموعة ونصه إذا قلنا : لا يجمع بين فرضين فهل يجمع بين فرض وسنة ، أو بين فرض معين [ ص: 339 ] وفرض كفاية ؟ المذهب أنه يجمع إذا قدم المكتوبة وقال مالك في المجموعة فيمن تيمم لفريضة فله أن يصلي بذلك على الجنازة قال ابن المواز : إذا كانت واصلة بالفريضة وإذا أراد أن يصلي بتيمم الفريضة فلا فرق بين أن تكون جنازة واحدة أو جنائز عدة يجتمعن ، أو يفرقن إذا كن نسقا وقال بعض الشافعية : لا يصلي على جنائز بتيمم واحد ، وإن اجتمعوا في صلاة واحدة ; لأن الجنازة إذا تعينت صارت فرضا وهو فاسد ; لأنها صلاة واحدة ، انتهى .

                                                                                                                            وفهم من قوله : فرض كفاية أنها لم تتعين ( الثاني ) قال ابن غازي لم : يصرح المصنف بشرط الاتصال وهو منصوص في سماع أبي زيد ، انتهى .

                                                                                                                            وانظر هل مراده اتصال النافلة بالفريضة ، أو اتصال النوافل في أنفسها ؟ والظاهر من كلامه الأول وكلاهما منصوص عليه في السماع المذكور وفي سماع موسى وصرح في السماع المذكور بأن الفصل اليسير لا يضر وصرح أيضا باشتراط الاتصال صاحب المنتقى وصاحب الطراز والمصنف في التوضيح وابن عرفة وغيرهم قال في السماع : أرأيت إن تيمم لنافلة فيصلي ثم لم يزل في المسجد في حديث ثم أراد أن يقوم يتنفل بذلك التيمم قال : إن طال ذلك فليتيمم تيمما آخر ، وإن كان شيئا خفيفا فأرجو أن يجزئه قال ابن رشد : الأصل أن لا يصلي صلاتين بتيمم واحد نافلة ولا فريضة وأن لا يجوز التيمم للصلاة عند عدم الماء إلا عند القيام إليها فأجيز أن يصلي بتيمم واحد ما اتصل من النوافل ، والنافلة إذا اتصلت بالفريضة استحسانا ومراعاة للخلاف لكونها لاتصالها بها كالصلاة الواحدة فإذا طال ما بينهما سقطت مراعاة الخلاف ورجعت المسألة إلى حكم الأصل في وجوب إعادة التيمم ، انتهى .

                                                                                                                            وفي الجلاب ، ولا بأس أن يصلي النافلة بتيمم الفريضة إذا أتى بها في أثرها ، ولا بأس أن يصلي نوافل عدة بتيمم واحد إذا كن في فور واحد وإذا قطعهن وأخر بعضهن عن بعض أعاد التيمم لكل صلاة ، انتهى .

                                                                                                                            وفي المنتقى ، وإن صلى نوافل متصلة بتيمم واحد أجزأه ، وكذلك إن صلى فريضة ثم صلى بعدها نافلة ، أو نوافل واتصل ذلك بالفريضة ، انتهى .

                                                                                                                            ( الثالث ) قال ابن غازي : لم يصرح المصنف بشرطية نية النافلة عند تيمم الفريضة ، وقد ذكره ابن رشد .

                                                                                                                            ( قلت ) ذكره المصنف في التوضيح عن ابن رشد كما قال ابن غازي ونصه : من شرط جواز إيقاع النفل بتيمم الفرض أن يكون النفل متصلا بالفرض فقد روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن تيمم لنافلة ثم خرج من المسجد لحاجة ثم عاد فلا يتنفل به ، ولا يمس مصحفا وشرط فيه ابن رشد أن تكون النافلة منوية عند تيمم الفريضة قال : فإن لم ينوها لم يصلها ، انتهى .

                                                                                                                            وهذا على ما رأيته أولا في نسخ ابن غازي وهو أن قوله : ولا بشرط مصدر مجرور بالباء ثم رأيته في نسختين مصححتين منه بلفظ المضارع على أنه جملة مستأنفة ويشبه أنه مصلح ، والله أعلم . وتبعه على ذلك ابن فرحون والشارح في الكبير والشامل ، ولم أقف عليه في كلام ابن رشد في السماع المذكور ، ولا في غيره مع تكلمه على المسألة في عدة مواضع من البيان ، ولا في المقدمات ، ولا في الأجوبة ، ولا في كتاب التقييد والتقسيم له بل كلامه في المقدمات يصرح بخلافه فإنه قال : ويجيء على رواية أبي الفرج عن مالك في ذاكر صلوات أنه لم يصلها بتيمم واحد ، وأن طلب الماء أو طلب القدرة على استعماله شرط في صحة التيمم لما اتصل من الصلوات التي نواها عند القيام إليها وإذا قلنا : أن رواية أبي الفرج هذه مبنية على هذا الأصل فيلزم عليها إجازة الصلوات المكتوبات والنوافل بتيمم واحد إذا اتصلت وكان تيممه لها كلها تقدمت النوافل أو تأخرت وأن لا يجوز له أن يصلي بتيمم واحد من النوافل إلا ما نواه أيضا بتيممه واتصل عمله وأن لا يجوز له أن يصلي بتيممه لمكتوبة نافلة لم ينوها وإن اتصلت بالمكتوبة ، فإن قال قائل : لا خلاف في المذهب في جواز النافلة بتيمم المكتوبة إذا اتصلت بها قيل : له إذا جاز ذلك [ ص: 340 ] على هذه الرواية فليس على أصله فيها ، وإنما هو مراعاة للخلاف في الأصل ، انتهى .

                                                                                                                            فانظره إنما ذكر ذلك إلزاما على رواية أبي الفرج ثم استشكل ذلك بأنه خلاف المذهب وأجاب بأن ذلك هو الجاري على أصل هذه الرواية ولعله حصل في نسخةالمصنف من المقدمات سقط فأوهمه ذلك فتأمله ، وقد بحثت عن اشتراط نية النافلة عند تيمم الفريضة وكشفت عن ذلك في أكثر من ثلاثين مصنفا من مصنفات أهل المذهب فلم أر من ذكرها إلا المصنف في التوضيح ، ومن تبعه بل نصوصهم مقتضية لعدم الاشتراط بل منها ما هو صريح في ذلك منها كلام ابن رشد المتقدم ، ومنها قوله في التلقين ويجوز الجمع بين الفرض والنفل إذا قدم الفرض ، ويجوز النفل بتيمم الفرض ، ولا يجوز الفرض بتيمم النفل ، انتهى .

                                                                                                                            فإن لم يحمل قوله : ويجوز النفل بتيمم الفرض على أنه إذا لم ينو النفل كان تكرارا مع قوله : ويجوز الجمع بين الفرض والنفل ، انتهى .

                                                                                                                            وقال في الجواهر : ولو نوى استباحة الفرض جاز النفل أيضا معه للتبعية لكن بعده ونحوه في الذخيرة ونصه : وإذا نوى استباحة الفرض استباح النفل ; لأن الأدنى تبع للأعلى وإذا نوى بتيممه النافلة فعل سائر النوافل ، فإن نوى مس المصحف فعل القراءة وسجود التلاوة المتعلقة بمس المصحف وهل له أن يتنفل به وهو المروي عن مالك ، أو يقال الوضوء لمس المصحف ؟ مختلف فيه فيضعف التيمم عن الوضوء وهو لبعض الشافعية ، انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن عبد السلام في شرح قول ابن الحاجب : ولو نوى نفلا لم يجز الفرض وصلى من النفل ما شاء قوله وصلى من النفل ما شاء ; لأنه إذا قصد الفرض جاز له فعل ما شاء من النفل ، وإن لم يكن التيمم للنفل فلا يكون فعل النفل بتيمم النفل أولى فهذا الكلام كله يقتضي أنه يتنفل بتيمم الفريضة ، وإن لم ينو النافلة إلا أن فيما ذكره ابن عبد السلام من الأولوية نظر ; لأن تيمم الفريضة أقوى من تيمم النافلة كما سنذكره الآن وقال في الطراز : إذا تيمم لنافلة فلا يخلو إما أن يكون نافلة مخصوصة ، أو ينوي النفل عموما ، فإن نوى عموم النفل ، أو نوى صلاة نافلة فله أن يتنفل بذلك ما شاء في فور واحد ، انتهى .

                                                                                                                            فإذا جاز أن يصلي بتيمم نافلة غيرها من النوافل ، وإن لم تكن الثانية منوية فأحرى أن يصلي بتيمم الفريضة نافلة لم تكن منوية ، ولا إشكال في ذلك ، وقد تقدم في كلام ابن رشد أنه لما ألزم على رواية أبي الفرج أنه لا يصلي بتيمم الفريضة نافلة غيرها لم ينوها ألزم أنه لا يصلي بتيمم النافلة إلا ما نواه من النوافل فتأمله ومما يدل لعدم اشتراط نية النافلة ما يأتي في التنبيه الرابع إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                            ( الرابع ) قول المصنف إن تأخرت شرط في جواز إيقاع النفل بالتيمم الذي يريد أن يصلي به الفرض ، وهذا مراد المصنف ، ولا يعترض عليه بأن تأخر النفل وما ذكر معه ليس شرطا في صحة النفل فإن النفل صحيح إذا قدمه على الفرض لكن لا يصلي بذلك التيمم الفرض الذي نواه على المشهور فلو تيمم لفريضة ثم صلي نافلة فقال سند النافلة نفسها صحيحة فهل يصلي به الفريضة ؟ فعندنا وعند الشافعي لا يصلي به الفرض ، وهذا مما يدل على عدم اشتراط نية النافلة عند تيمم الفريضة .

                                                                                                                            وقال في المدونة : قال مالك فيمن تيمم لفريضة فصلى قبلها نافلة فليعد التيمم ; لأنه لما صلى النافلة قبل المكتوبة انتقض تيممه للمكتوبة وقال فيمن تيمم للصبح ثم صلى الفجر قبلها يعيد التيمم لصلاة الصبح بعد ركعتي الفجر ، وهذا لفظ الإمام باختصار ، فإن صلى بتيممه ذلك المكتوبة بعد أن صلى النافلة ، أو ركعتي الفجر فقال ابن يونس قال في كتاب ابن المواز يعيد أبدا ثم قال : هذا خفيف وأرى أن يعيد في الوقت قال : وإن تيمم لنافلة أو قراءة مصحف ثم صلى المكتوبة أعاد أبدا وقال ابن سحنون : سئل ابن القاسم فيمن تيمم لركعتي الفجر فصلى به الصبح ، أو تيمم لنافلة فصلى به الظهر أنه يعيد في الوقت وقال البرقي عن أشهب : تجزئه صلاة الصبح [ ص: 341 ] بتيمم ركعتي الفجر ، ولا يجزئه إذا تيمم لنافلة أن يصلي به الظهر وقال ابن حبيب : إذا تيمم لنافلة فصلى به فريضة أعاد أبدا ، وإن تيمم لفريضة فتنفل قبلها أعاد في الوقت ، انتهى كلامابن يونس .

                                                                                                                            ونحوه في التوضيح ونقله ابن عرفة وغيره ومحصله أن من تيمم لفريضة فصلى قبلها نافلة ، أو ركعتي الفجر ، أو تيمم لنافلة ، أو ركعتي الفجر ثم صلى بعد ذلك فريضة فقال في الموازية : يعيد أبدا في الصورة الأولى فيعيد في الثانية أبدا من باب أولى ثم رجع فقال : يعيد في الصورة الأولى في الوقت وفي الثانية أبدا وقاله ابن حبيب أيضا وقال سحنون : يعيد في الصورة الثانية ( الخامس ) فهم من قول المصنف وجاز جنازة وسنة أنه يصح إيقاع السنة بتيمم النافلة وهو كذلك فقد أجاز ابن القاسم في المجموعة لمن تيمم لنافلة أن يوتر بتيممه قال سند بعد كلامه المتقدم أعني قوله إذا قلنا : لا يجمع بين فرضين فهل يجمع بين فرض وسنة ، أو فرض معين أو فرض على الكفاية ؟ المذهب أنه يجمع إذا قدم المكتوبة ما نصه : وهل يستحب له أن لا يجمع ؟ يختلف فيه قال سحنون عن أبيه : من تيمم للعتمة يستحب له أن لا يصلي بذلك الوتر .

                                                                                                                            فإن فعل فلا إعادة عليه وفي الواضحة له أن يوتر بتيمم العشاء ويصلها من النفل بما شاء ، انتهى .

                                                                                                                            وما تقدم عن ابن القاسم أقوى وعلى هذا فما ذكره عن الواضحة هو الموافق لقول ابن القاسم وهو الذي مشى عليه المصنف وابن الحاجب ( السادس ) إذا جاز إيقاع السنة بتيمم النافلة فإيقاع السنة بتيمم السنة أولى ، وهذا واضح ووقع في التوضيح ما يوهم خلاف ذلك فإنه لما تكلم على مسألة من صلى فرضين بتيمم واحد قال ما نصه : ( فرع ) قال سحنون : سبيل السنن في التيمم سبيل الفرائض الوتر وركعتا الفجر والعيدان والاستسقاء والخسوف تيمم لكل سنة كما في الفرائض نقله اللخمي ، انتهى .

                                                                                                                            وما ذكره عن اللخمي صحيح لكن إنما ذكره اللخمي في الكلام على الحاضر الصحيح وأنه يتيمم للسنن ، وإيراد اللخمي له يقتضي أن المراد منه أن الحاضر يتيمم للسنن كلها لا أنه لا يصلي سنة بتيمم أخرى فإنه قال : فصلى الصلوات أربع فرائض وسنن على الأعيان وعلى الكفاية ونوافل فأما المسافر فيتيمم لجميع هذه الصلوات وهو قول مالك وأصحابه وقال عبد العزيز بن أبي مسلمة : لا يتيمم للنافلة .

                                                                                                                            ثم قال : وحكم المريض المقيم فيما يتيمم له حكم المسافر يتيمم للفرائض ويختلف في تيممه للنفل واختلف في تيمم الصحيح المقيم للفرائض ، وقد تقدم ذكر ذلك ويختلف في السنن إذا كانت على الأعيان كالوتر وركعتي الفجر ، ولا يتيمم للنوافل ، ولا للسنن إذا كانت على الكفاية كالجنائز والعيدين على القول بأنها على الكفاية ثم قال : قال ابن القاسم في المدونة في المسافرين والمرضى يتيممون لخسوف الشمس والقمر : ولا يتيمم من أحدث خلف الإمام في صلاة العيدين وقال مالك : لا يصلي على الجنازة بالتيمم إلا المسافر الذي لا يجد الماء وقال : لا بأس أن يتيمم لمس المصحف ويقرأ حزبه إذا لم يجد الماء إذا كان في السفر وقال ابن سحنون وذكر ما تقدم إلا أنه قال ويتيمم لكل سنة كما يتيمم للفرائض وقال ابن عبد الحكم عن ابن وهب : إذا خرج للجنازة طاهرا فأحدث ولم يجد ماء تيمم ، وإن خرج معها على غير وضوء لم يتيمم يريد أن هذا قصد إلى التيمم اختيارا والأول كان متطهرا فانتقضت طهارته وإذا جاز أن يصلي السنن بالتيمم عند عدم الماء فإنه يختلف فيه مع وجوده إذا كان متى توضأ فات إدراكها إما لخروج الوقت كما في الوتر ، أو ركعتي الفجر أو لفراغ الإمام في العيدين والاستسقاء والجنائز ، انتهى .

                                                                                                                            وأشار ابن عرفة إلى هذه الثلاثة الأقوال فقال : وفي تيمم الحاضر للسنن ثالثها للعينية كالفجر لا للكفاية كالعيدين لابن سحنون وابن بشير عنهما واللخمي عن المذهب وكذا قال ابن ناجي في شرح المدونة : اختلف في تيمم الحاضر للسنن على ثلاثة [ ص: 342 ] أقوال فقيل : يتيمم لها سواء كانت على الأعيان كالوتر ، أو على الكفاية كالعيدين قاله ابن سحنون ، وقيل : لا يتيمم لجميعها وعزاه ابن بشير للمدونة ، وقيل : يتيمم للعينية دون الكفاية نقله اللخمي عن المذهب قال : والصواب عندي الأول ، انتهى .

                                                                                                                            وهو تابع لابن عرفة في هذه الأقوال ، وقد تقدم كلام اللخمي ، وليس فيه ما ذكراه عنه ، وأما صاحب الطراز فإنه ينكر القول بتيمم الحاضر للسنن فقال لما تكلم على قوله في المدونة لا يتيمم من أحدث خلف الإمام في العيدين وقال أبو حنيفة : يتيمم ، خرج التونسي الخلاف على المذهب ثم رد عليه التخريج وقول ابن سحنون سبيل السنن في التيمم كسبيل الفرائض الوتر وركعتي الفجر والعيدين والاستسقاء والخسوف يتيمم لكل سنة كما يتيمم للفرائض هذا في حق من لا يقدر يمس الماء كما في الفرائض والمسافر ، ولو خاف فوات ركعتي الفجر والصبح إن توضأ إلا أنه يدرك الصبح ، فإن تيمم أدركهما جميعا فإنه يتوضأ ويدع ركعتي الفجر ، انتهى .

                                                                                                                            والقصد منه أنهم لم يفهموا منه أنه لا يصلي سنة بتيمم سنة أخرى فتأمله ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                                            ( السابع ) قال ابن ناجي في شرح قوله في المدونة : ولا بأس أن يتنفل بعد الفريضة بتيممه ذلك ظاهره ، وإن طال تنفله فإنه جائز وقال التونسي : ما لم يطل تنفله جدا وقالت الشافعية : يتنفل إلى دخول وقت الفريضة الثانية وارتضاه ابن عبد السلام للتبعية ، ونص كلام ابن عبد السلام : وظاهر قول المدونة أن له أن يكثر منها ، وإن دخل وقت الفريضة الثانية وقال الشافعية : ينتهي لدخول وقت الثانية وهو عندي بين ; لأن ما يفعله من النفل تابع للفريضة ، ولا معنى للتابع حال عدم المتبوع حسا وحكما ، انتهى .

                                                                                                                            ونقل في التوضيح كلام التونسي وكلام الشافعية واستظهره كابن عبد السلام ونقل ابن عرفة كلام التونسي وقبله ثم نقل عن الشيخ عن المختصر أن للمتيمم التنفل ما لم يطل وقبله ولفظ النوادر قال مالك في المختصر : وللمتيمم أن يتنفل به ما لم يطل ذلك وانظر إذا تيمم آخر وقت الصلاة فيظهر على كلام التونسي أن له أن يتنفل ، وليس له أن يتنفل على كلام الشافعية وابن عبد السلام

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية