الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 299 ] ( والنفاس ) لغة : ولادة المرأة . وشرعا ( دم ) فلو لم تره هل تكون نفساء ؟ المعتمد نعم ( ويخرج ) من رحمها فلو ولدته من سرتها إن سال الدم من الرحم فنفساء وإلا فذات جرح وإن ثبت له أحكام الولد ( عقب ولد ) أو أكثره ولو متقطعا عضوا عضوا لا أقله ، فتتوضأ إن قدرت أو تتيمم وتومئ بصلاة ولا تؤخر ، فما عذر الصحيح القادر ؟ . وحكمه كالحيض في كل شيء إلا في سبعة ذكرتها في الخزائن وشرحي للملتقى : منها أنه ( لا حد لأقله ) إلا إذا احتيج إليه لعدة كقوله إذا ولدت فأنت طالق ، فقالت مضت عدتي ; فقدره الإمام بخمسة وعشرين [ ص: 300 ] مع ثلاث حيض والثاني بأحد عشر والثالث بساعة

( وأكثره أربعون يوما ) كذا رواه الترمذي وغيره ولأن أكثره أربعة أمثال أكثر الحيض .

التالي السابق


( قوله والنفاس ) بالكسر قاموس ( قوله فلو لم تره ) أي بأن خرج الولد جافا بلا دم ( قوله المعتمد نعم ) وعليه فيعمم في الدم ، فيقال دم حقيقة أو حكما كما في القهستاني ( قوله من سرتها ) عبارة البحر : من قبل سرتها ، بأن كان ببطنها جرح فانشقت وخرج الولد منها . ا هـ ( قوله فنفساء ) ; لأنه وجد خروج الدم من الرحم عقب الولادة بحر ( قوله وإلا ) أي بأن سال الدم من السرة ( قوله وإن ثبت له أحكام الولد ) أي فتنقضي به العدة وتصير الأمة أم ولد ، ولو علق طلاقها بولادتها وقع لوجود الشرط بحر عن الظهيرية ( قوله فتتوضأ إلخ ) تفريع على قوله لا أقله ط ( قوله وتومئ بصلاة ) أي إن لم تقدر على الركوع والسجود . قال في البحر عن الظهيرية : ولو لم تصل تكون عاصية لربها ثم كيف تصلي ؟ قالوا يؤتى بقدر فيجعل القدر تحتها ويحفر لها وتجلس هناك وتصلي كي لا تؤذي ولدها . ا هـ . ( قوله فما عذر الصحيح القادر ) استفهام إنكاري : أي لا عذر له في الترك أو التأخير . قال في منية المصلي : فانظر وتأمل هذه المسألة هل تجد عذرا لتأخير الصلاة ؟ وا ويلاه لتاركها ( قوله إلا في سبعة ) هي البلوغ والاستبراء والعدة ، وأنه لا حد لأقله ، وأن أكثره أربعون ، وأنه يقطع التتابع في صوم الكفارة ، وأنه لا يحصل به الفصل بين طلاقي السنة والبدعة . ا هـ فقوله البلوغ إلخ ; لأنه لا يتصور به ; لأن البلوغ قد حصل بالحبل قبل ذلك .

وصورته في الاستبراء إذا اشترى جارية حاملا فقبضها ووضعت عنده ولدا وبقي ولد آخر في بطنها ، فالدم الذي بين الولدين نفاس ، ولا يحصل الاستبراء إلا بوضع الولد الثاني .

وصورة العدة : إذا قال لامرأته إذا ولدت فأنت طالق فولدت ثم قالت مضت عدتي فإنها تحتاج إلى ثلاث حيض ما خلا النفاس كما سيأتي بيانه . ا هـ . سراج ( قوله بخمسة وعشرين ) ; لأنه لو قدر بأقل لأدى إلى نقض العادة عند عود الدم في الأربعين ; لأن من أصل الإمام أن الدم إذا كان في الأربعين فالطهر المتخلل لا يفصل طال أو قصر ، حتى لو رأت ساعة دما وأربعين إلا ساعتين طهرا ثم ساعة دما كان الأربعون كلها نفاسا وعليه الفتوى : [ ص: 300 ] كذا في الخلاصة نهر : أي فلو قدر بخمس وعشرين ثم كان بعده أقل الطهر خمس عشر ثم عاد الدم كان نفاسا فيلزم نقض العادة ; بخلاف ما لو قدر بخمسة وعشرين ; لأن ما عداه يكون حيضا لكونه بعد تمام الأربعين ( قوله مع ثلاث حيض ) فأدنى مدة تصدق فيها عنده خمسة وثمانون يوما : خمسة وعشرين نفاس ، وخمسة عشر طهر ، ثم ثلاث حيض كل حيضة خمسة أيام ، وطهران بين الحيضتين ثلاثون يوما ، وهذا رواية محمد عنه .

وفي رواية الحسن عنه : لا تصدق في أقل من مائة يوم لتقديره كل حيضة بعشرة أيام ، وتمامه في السراج ( قوله والثاني بأحد عشر ) أي ولو قدر أبو يوسف أقل النفاس بأحد عشر يوما ليكون أكثر من أكثر الحيض ، فأدنى مدة تصدق فيها عنده خمسة وستون يوما ، أحد عشر نفاس ، وخمسة عشر طهر ، وثلاث حيض بتسعة أيام بينهما طهران بثلاثين يوما ح ( قوله والثالث بساعة ) أي قدره محمد بساعة فتصدق في أربعة وخمسين يوما وساعة : خمسة عشر طهر ، ثم ثلاث حيض بتسعة ، ثم طهران ثلاثون . قال في المنظومة النسفية : أدنى زمان عنده تصدق فيه التي بعد الولاد تطلق هي الثمانون بخمس تقرن
ومائة فيما رواه الحسن والخمس والستون عند الثاني
وحط إحدى عشر الشيباني . ا هـ وهذا كله في الحرة النفساء وأما الأمة وغير النفساء فسيأتي حكمها في العدة إن شاء الله تعالى ( قوله كذا رواه الترمذي وغيره ) أي بالمعنى .

قال في البدائع : روى أبو داود والترمذي وغيرهما عن { أم سلمة قالت كانت النفساء تقعد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوما } وأثنى البخاري على هذا الحديث . وقال النووي : حديث حسن ، وصححه الحاكم . وروى الدارقطني وابن ماجه عن أنس { أنه صلى الله عليه وسلم وقت للنفساء أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك } وروي هذا من عدة طرق لم تخل عن الطعن ، لكنه يرتفع بكثرتها إلى الحسن . ا هـ ملخصا ( قوله ولأن أكثره إلخ ) يعني بالإجماع كما في البحر ، حتى إن من جعل أكثر الحيض خمسة عشر يجعل أكثر النفاس ستين ح




الخدمات العلمية