الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قال الدرجة الثانية : الخروج عن الخوف إلى ميدان القبض ، والصعود من الرجاء إلى ميدان البسط ، ثم الترقي من السرور إلى ميدان المشاهدة .

ذكر في الدرجة الأولى : كيف يحفظ الحد بين المقامات ، حتى لا يتعدى إلى غلو أو جفاء . وذلك سوء أدب .

فذكر مع الخوف : أن يخرجه إلى اليأس ، ومع الرجاء : أن يخرجه إلى الأمن ، ومع [ ص: 373 ] السرور : أن يخرجه إلى الجرأة .

ثم ذكر في هذه الدرجة : أدب الترقي من هذه الثلاثة إلى ما يحفظه عليها . ولا يضيعها بالكلية . كما أن في الدرجة الأولى : لا يبالغ به . بل يكون خروجه من الخوف إلى القبض ، يعني لا يزايل الخوف بالكلية ، فإن قبضه لا يؤيسه ولا يقنطه . ولا يحمله على مخالفة ولا بطالة . وكذلك رجاؤه لا يقعد به عن ميدان البسط . بل يكون بين القبض والبسط . وهذه حال الكمال . وهي السير بين القبض والبسط .

وسروره : لا يقعد به عن ترقيه إلى ميدان مشاهدته ، بل يرقى بسروره إلى المشاهدة . ويرجع من رجائه إلى البسط . ومن خوفه إلى القبض .

ومقصوده : أن ينتقل من أشباح هذه الأحوال إلى أرواحها . فإن الخوف شبح . والقبض روحه . والرجاء شبح ، والبسط روحه . والسرور شبح ، والمشاهدة روحه . فيكون حظه من هذه الثلاثة : أرواحها وحقائقها ، لا صورها ورسومها .

التالي السابق


الخدمات العلمية