الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون

                                                                                                                                                                                                أفحكم الجاهلية يبغون فيه وجهان أحدهما : أن قريظة والنضير طلبوا إليه أن يحكم بما كان يحكم به أهل الجاهلية من التفاضل بين القتلى ، وروي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : "القتلى بواء" فقال بنو النضير : نحن لا نرضى بذلك فنزلت ، والثاني : أن يكون [ ص: 249 ] تعبيرا لليهود بأنهم أهل كتاب وعلم ، وهم يبغون حكم الملة الجاهلية التي هي هوى وجهل ، لا تصدر عن كتاب ولا ترجع إلى وحي من الله تعالى وعن الحسن : هو عام في كل من يبغي غير حكم الله، والحكم حكمان : حكم بعلم فهو حكم الله ، وحكم بجهل فهو حكم الشيطان ، وسئل طاوس عن الرجل يفضل بعض ولده على بعض ، فقرأ هذه الآية ، وقرئ : "تبغون" ، بالتاء والياء ، وقرأ السلمي : "أفحكم الجاهلية يبغون" ، برفع الحكم على الابتداء ، وإيقاع يبغون خبرا وإسقاط الراجع عنه كإسقاطه عن الصلة في أهذا الذي بعث الله رسولا [الفرقان : 31] وعن الصفة في الناس رجلان : رجل أهنت ، ورجل أكرمت ، وعن الحال في "مررت بهند يضرب زيد" وقرأ قتادة : " أفحكم الجاهلية" على أن هذا الحكم الذي يبغونه إنما يحكم به أفعى نجران ، أو نظيره من حكام الجاهلية ، فأرادوا بسفههم أن يكون محمد خاتم النبيين حكما كأولئك الحكام . اللام في قوله : لقوم يوقنون للبيان كاللام في "هيت لك" أي : هذا الخطاب وهذا الاستفهام لقوم يوقنون ، فإنهم الذين يتيقنون ألا أعدل من الله ولا أحسن حكما منه .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية