الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1349 حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة وحدثناه سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب قالوا حدثنا سفيان بن عيينة ح وحدثني محمد بن عبد الملك الأموي حدثنا عبد العزيز بن المختار عن سهيل ح وحدثنا ابن نمير حدثنا أبي حدثنا عبيد الله ح وحدثنا أبو كريب حدثنا وكيع ح وحدثني محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن جميعا عن سفيان كل هؤلاء عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث مالك

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ) هذا ظاهر في فضيلة العمرة وأنها مكفرة [ ص: 478 ] للخطايا الواقعة بين العمرتين ، وسبق في كتاب الطهارة بيان هذه الخطايا ، وبيان الجمع بين هذا الحديث وأحاديث تكفير الوضوء للخطايا ، وتكفير الصلوات وصوم عرفة وعاشوراء ، واحتج بعضهم في نصرة مذهب الشافعي والجمهور في استحباب تكرار العمرة في السنة الواحدة مرارا ، وقال مالك وأكثر أصحابه : يكره أن يعتمر في السنة أكثر من عمرة ، قال القاضي : وقال آخرون : لا يعتمر في شهر أكثر من عمرة .

                                                                                                                واعلم أن جميع السنة وقت للعمرة ، فتصح في كل وقت منها إلا في حق من هو متلبس بالحج ، فلا يصح اعتماره حتى يفرغ من الحج ، ولا تكره عندنا لغير الحاج في يوم عرفة والأضحى والتشريق وسائر السنة ، وبهذا قال مالك وأحمد وجماهير العلماء ، وقال أبو حنيفة : تكره في خمسة أيام : يوم عرفة ، والنحر ، وأيام التشريق ، وقال أبو يوسف : تكره في أربعة أيام وهي : عرفة ، والتشريق .

                                                                                                                واختلف العلماء في وجوب العمرة : فمذهب الشافعي والجمهور أنها واجبة ، وممن قال به عمر وابن عباس وطاوس وعطاء وابن المسيب وسعيد بن جبير والحسن البصري ومسروق وابن سيرين والشعبي وأبو بردة بن أبي موسى وعبد الله بن شداد والثوري وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وداود ، وقال مالك وأبو حنيفة وأبو ثور : هي سنة وليست واجبة ، وحكي أيضا عن النخعي .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) الأصح الأشهر : أن المبرور هو الذي لا يخالطه إثم مأخوذ من البر وهو الطاعة ، وقيل : هو المقبول ، ومن علامة القبول أن يرجع خيرا مما كان ، ولا يعاود المعاصي ، وقيل : هو الذي لا رياء فيه ، وقيل : الذي لا يعقبه معصية ، وهما داخلان فيما قبلهما ، ومعنى ( ليس له جزاء إلا الجنة ) : أنه لا يقتصر لصاحبه من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه ، بل لا بد أن يدخل الجنة . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية