الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والنفقة ) على الرقيق زمن العهدة ويدخل فيها الكسوة [ ص: 142 ] مما يقيه الحر والبرد .

( عليه وله الأرش ) في جناية عليه زمنها والغلة ( كالموهوب ) للعبد زمنها ثابتة ( له ) أي للبائع فالجار والمجرور خبر المبتدأ الذي هو النفقة لا صلة الموهوب واللام بالنسبة للنفقة بمعنى على ويجوز أن تكون صلة والخبر محذوف واستثني مما بعد الكاف قوله ( إلا ) العبد ( المستثنى ماله ) عند البيع لمشتريه ، أو له فما يوهب له زمنها للمشتري ( و ) رد ( في ) ( عهدة السنة بجذام وبرص وجنون ) في الرقيق ( بطبع ، أو مس جن لا ) إن كان ( بكضربة ) وطربة وخوف لسهولة زواله بمعالجة دون الأولين ومحل العمل بالعهدتين ( إن شرطا ) عند العقد ، ولو بحمل السلطان الناس عليهما ( أو اعتيدا ) أي جرت العادة بهما ( وللمشتري إسقاطهما ) عن البائع إذا وقع البيع عليهما بشرط ، أو عادة ; لأن الحق له ( و ) العيب ( المحتمل ) حدوثه زمنهما وبعده المطلع عليه ( بعدهما ) أي بعد انقضاء زمنهما ( منه ) أي من المشتري بخلاف ما قطع ، أو ظن أنه حدث زمنهما فمن البائع ولما استثنى المتيطي إحدى وعشرين مسألة لا عهدة فيها أشار لها المصنف بقوله عطفا على مقدر تقديره ورد بما مر في رقيق غير منكح به ( لا في ) رقيق ( منكح به ) دفعه الزوج صداقا ; لأن طريقه المكارمة ومحل سقوط العهدة في هذا وما بعده إن اعتيدت ، فإن اشترطت عمل بها ( أو ) رقيق ( مخالع ) به ; لأن طريقه المناجزة ( أو مصالح ) به ( في دم عمد ) فيه قصاص كان الصلح على إقرار ، أو إنكار وما عدا ذلك من العمد الذي فيه مال لكونه من المتالف ، أو من الخطأ ، فإن وقع فيه الصلح على إنكار [ ص: 143 ] فكذلك ، وإن وقع على إقرار ، أو ببينة فالعهدة ( أو ) رقيق ( مسلم فيه ) كأن يسلم دينارا في عبد ( أو به ) كأن يسلم عبدا في بر ; لأن السلم رخصة يطلب فيها التخفيف . .

التالي السابق


( قوله مما يقيه الحر والبرد ) أي لا ما يستر عورته فقط كما قيل ( قوله والغلة ) ما ذكره من أن الغلة زمن عهدة الثلاث للبائع هو المعول عليه ; لأن الخراج بالضمان وقال ابن شاس وابن الحاجب إنها للمشتري ، وقد اعترضه في التوضيح بأن المنصوص أنها للبائع ( قوله لا صلة الموهوب ) أي لا أنه صلة للموهوب أي بل صلته مقدرة بلفظ له على أنها مفعول ثان ونائب الفاعل ضمير راجع لأل ( قوله بمعنى على ) أي فهي مستعملة في حقيقتها ومجازها ( قوله والخبر محذوف ) أي لكنه يقدر بالنسبة للنفقة عليه وبالنسبة لما بعدها له ( قوله بجذام وبرص ) أي بحدوث جذام وبرص محققين وفي مشكوكهما قولان فقيل إن المشكوك كالمحقق ، وهو قول ابن القاسم ومقابله لابن وهب والأول هو المعتمد . ( تنبيه ) قال ابن شاس إنما اختصت عهدة السنة بهذه الأدواء الثلاثة ; لأن هذه الأدواء تتقدم أسبابها ويظهر منها ما يظهر في فصل من فصول السنة دون فصل بحسب ما أجرى الله العادة من حصول ذلك الداء في فصل دون فصل ( قوله وجنون ) ولا يرد في عهدة السنة بغير هذه الأدواء الثلاثة فلو أصاب الرقيق شيء من تلك الأدواء في السنة ، ثم ذهب قبل انقضائها لم يرد إلا أن يقول أهل المعرفة بعوده ( قوله بطبع ) أي بفساد الطبيعة كغلبة السوداء وقوله ، أو مس جن أي بأن كان بوسواس ويرد به هنا دون النكاح بخلاف الجنون الطبيعي فإنه يرد به في البيع والنكاح ، وأما ما كان بضربة ونحوها كطربة فلا يرد به فيهما ، وقد اعترض عج قول المصنف لا بكضربة بأن الحق أنه لا فرق بين كون الجنون طبيعيا ، أو بمس جن ، أو حدث بكضربة في الرد بكل منها في عهدة السنة والثلاث فانظره .

( قوله إن شرطا ، أو اعتيدا ) ، فإن انتفيا لم يعمل بهما في الرد بحادث ، واعلم أن رواية المصريين أنه لا يقضى بالعهدة في الرقيق إلا بشرط ، أو عادة ، أو حمل السلطان الناس عليها ، فإن انتفى ما ذكر لم يعمل بها في الرد بحادث ، ولو قال المشتري اشتريت على عهدة الإسلام لاختصاصها بدرك المبيع من الاستحقاق فقط دون العيب وروى المدنيون أنه يقضى بها في كل بلد ، وإن لم يكن شرط ولا عادة وفي البيان قول ثالث لابن القاسم في الموازية لا يحكم بينهم بها ، وإن اشترطوها ( قوله ، ولو بحمل السلطان إلخ ) أي فالمراد بالشرط ، ولو حكما وجرد المصنف الفعلين من علامة التأنيث نظرا إلى أن العهدة في معنى الزمان ، أو الضمان أي إن شرط الزمانان ، أو الضمانان ، أو اعتيد ( قوله إذا وقع البيع عليهما بشرط ، أو عادة ) مراده بالشرط ، ولو حكما كحمل السلطان عليها فلو أسقط حقه في أثناء عهدة الثلاث ، ثم اطلع على عيب حادث قبل الإسقاط فقال ابن عبد السلام حكمه حكم من اطلع على عيب قديم فله الرد به ولا يكون بإسقاط حقه في باقي العهدة مسقطا لما مضى منها قاله شيخنا ( قوله فمن البائع ) أي بدون يمين من المشتري في القطع وبه عند الظن وبخلاف ما إذا قطعت البينة بأنه بعدهما فمن المشتري بدون يمين على البائع ، فإن ظنت ، أو شكت فمن المشتري لكن مع يمين البائع على قياس ما مر ( قوله ورد بما مر ) أي ورد بكل حادث في عهدة الثلاث وبالأدواء الثلاثة في عهدة السنة في رقيق غير منكح به لا في منكح به ( قوله ، فإن اشترطت عمل بها ) أي في المنكح به وما بعده ويستثنى منه المأخوذ عن دين فهو شرط فاسد للدين بالدين ( قوله لأن طريقة ) أي الخلع المناجزة أي ، والعهدة تنافي ذلك وفي هذا التعليل نظر ; لأن المخالع به يكون حالا [ ص: 143 ] ومؤجلا كما تقدم في الخلع فالأولى التعليل بالتساهل فيه ; ولذا أجازوا فيه الغرر انظر بن ( قوله ، وإن وقع على إقرار ، أو ببينة فالعهدة ) صريحه أنه إذا أقر بما فيه المال من دم العمد ، أو الخطأ ، أو ثبت ببينة فصالح عنه بعبد ففيه العهدة ، وهو غير صحيح ; لأن العبد حينئذ يكون مأخوذا عن دين ولا عهدة في المأخوذ عن دين مطلقا كما يأتي فالأولى إبقاء كلام المصنف على إطلاقه وإن العبد المصالح به عن دم العمد لا عهدة فيه سواء كان فيه قصاص ، أو مال وسواء كان الصلح على إقرار ، أو إنكار ولا مفهوم لدم العمد بل كذلك المصالح به عن دم الخطأ لا عهدة فيه سواء كان الصلح عن إنكار ، أو إقرار ، فالحاصل أن العبد المصالح به عن الدم لا عهدة فيه مطلقا سواء كان دم خطأ ، أو عمد فيه القصاص ، أو المال كان الصلح على إقرار ، أو إنكار وذلك ; لأن العبد المدفوع في صلح الإنكار كالهبة والمدفوع في صلح الإقرار مدفوع عن دين وهذا ظاهر في الدم الموجب للمال كان عمدا ، أو خطأ ، وأما الموجب للقصاص فعدم العهدة فيه إن كان الصلح عن إنكار ; لأن العبد المدفوع كالهبة ، وإن كان عن إقرار فالقصد بدفع العبد قطع الخصومة وقطعها يقتضي المناجزة والعهدة تقتضي عدمها ، وأما المصالح به عن غير الدم ، فإن كان الصلح عن إنكار فلا عهدة فيه ; لأنه كالهبة ، وإن كان عن إقرار ، فإن كان ذلك المقر به معينا ففيه العهدة ; لأنه مبيع ، وإن كان غير معين فلا عهدة فيه ; لأنه مأخوذ عن دين إذا علمت هذا فقول ابن رشد : إن المصالح به على الإقرار فيه العهدة محمول على ما إذا كان الصلح على الإقرار بمعين لا بما في الذمة كما يدل عليه كلامه في نوازل سحنون ونصه ، وأما المصالح به الذي لا عهدة فيه فمعناه المصالح به على الإنكار ، وأما المصالح به على الإقرار فهو بيع من البيوع يكون فيه العهدة ، وإنما لم يكن في المصالح به على الإنكار عهدة ; لأنه أشبه الهبة في حق الدافع ولأنه يقتضي المناجزة ; لأنه أخذه على ترك خصومة فلا يجوز لهما فيه عهدة ، وأما المأخوذ عن دين ، أو دم فإنما لم يكن في ذلك عهدة لوجوب المناجزة في ذلك انتفاء للدين بالدين فما علل به سقوط العهدة في المأخوذ عن دين دليل على أنه لا فرق فيه بين الإقرار والإنكار كما أطلق المصنف وما ذكره من ثبوت العهدة ، أو لا في المصالح به على الإقرار يحمل على الإقرار بمعين كما ذكرنا ا هـ . بن فتحصل من هذا كله أن المصالح به إن كان عن إنكار فلا عهدة فيه مطلقا كان الصلح عن دم ، أو عن غيره ، وإن كان عن إقرار بمعين ففيه العهدة ، وإلا فلا . .




الخدمات العلمية