الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2000 - وعن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لأربه " متفق عليه " .

التالي السابق


2000 - ( وعن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل ) في شرح السنة رخص في قبلة الصائم عمر وأبو هريرة وعائشة ، وقال الشافعي : لا بأس بها إذا لم تحرك الشهوة ، وقال ابن عباس : يكره للشاب ويرخص للشيخ ( ويباشر ) أي بعض نسائه ، يلصق البشرة بالبشرة ، وقال ابن الملك : أي يلمس نساءه بيده ( وهو صائم ) أي حال كونه صائما ، زاد مسلم : في رمضان ، قال الشمني : وعندنا كره القبلة واللمس والمباشرة في ظاهر الرواية إن خاف على نفسه الجماع أو الإنزال ، وقال محمد : تكره القبلة مطلقا لأنها لا تخلو من الفتنة اهـ فلا ينبغي أن يقاس به - صلى الله عليه وسلم - في ذلك لقولها - رضي الله عنها - ( وكان أملككم ) من ملك إذا قدر على شيء أو صار حاكما عليه ( لأربه ) بفتح الهمزة والراء على المشهور وهو الحاجة وتريد به الشهوة ، وقد يروى بكسر الهمزة وسكون الراء ويفسر تارة بأنه الحاجة وتارة بأنه العقل وتارة بأنه العضو ، وأريد هاهنا العضو المخصوص ، كذا ذكر لأن الصديقة - رضي الله عنها - ذكرت أنواع الشهوة مترقية من الأدنى إلى الأعلى ، فبدأت بمقدمتها التي هي القبلة ثم ثنت بالمباشرة من نحو المداعبة والمعانقة ، وأرادت أن تعبر عن المجامعة فكنت عنها بالأرب ، وإلى عبارة أحسن منها اهـ وفيه أن المستحسن إذا أن الأرب بمعنى الحاجة كناية عن المجامعة ، وأما الذكر فغير ملائم للأنثى كما لا يخفى ، لا سيما في حضور الرجال ، ثم المعنى : أنه كان أغلبكم وأقدركم على منع النفس مما لا ينبغي أن يفعل ، قال ابن الملك : أرادت بملكه حاجته فبعد قمعه الشهوة فلا يخاف الإنزال بخلاف غيره ، وعلى هذا فيكره لغيره القبلة والملامسة باليد ، وقيل : المعنى : أنه كان قادرا على حفظ نفسه عنهما لأنه غالب على هواه ومع ذلك كان يقبل ويباشر ، وغيره قلما يصبر على تركهما ، لأن غيره قلما يملك هواه ، فعلى هذا لا يكونان مكروهين لغيره - صلى الله عليه وسلم - أيضا ، ويؤيده ما صح أن عمر - رضي الله عنه - هش أي نشط وارتاح فقبل ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - قائلا : صنعت أمرا عظيما ، فقال : " أرأيت لو تمضمضت من الماء وأنت صائم " ( متفق عليه ) قال ابن الهمام : وعن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبلها وهو صائم ، متفق عليه .




الخدمات العلمية