الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ( فإنه أعلم بنفسه وبغيره ، وأصدق قيلا ، وأحسن حديثا من خلقه ، ثم رسله صادقون مصدقون بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون ) .

      التالي السابق


      ش قوله : ( فإنه أعلم بنفسه وبغيره . . ) إلى قوله : ( . . ثم رسله صادقون مصدوقون ) تعليل لصحة مذهب السلف في الإيمان بجميع الصفات الواردة في الكتاب والسنة ؛ فإنه إذا كان الله عز وجل أعلم [ ص: 107 ] بنفسه وبغيره ، وكان أصدق قولا وأحسن حديثا ، وكان رسله عليهم الصلاة والسلام صادقين في كل ما يخبرون به عنه ، معصومين من الكذب عليه والإخبار عنه بما يخالف الواقع ؛ وجب التعويل إذا في باب الصفات نفيا وإثباتا على ما قاله الله وقاله رسوله الذي هو أعلم خلقه به ، وأن لا يترك ذلك إلى قول من يفترون على الله الكذب ويقولون عليه ما لا يعلمون .

      وبيان ذلك أن الكلام إنما تقصر دلالته على المعاني المرادة منه لأحد ثلاثة أسباب : إما لجهل المتكلم وعدم علمه بما يتكلم به ، وإما لعدم فصاحته وقدرته على البيان ، وإما لكذبه وغشه وتدليسه ، ونصوص الكتاب والسنة بريئة من هذه الأمور الثلاثة من كل وجه ، فكلام الله وكلام رسوله في غاية الوضوح والبيان ؛ كما أنه المثل الأعلى في الصدق والمطابقة للواقع ؛ لصدوره عن كمال العلم بالنسب الخارجية ، وهو كذلك صادر عن تمام النصح ، والشفقة ، والحرص على هداية الخلق وإرشادهم .

      فقد اجتمعت له الأمور الثلاثة التي هي عناصر الدلالة والإفهام على أكمل وجه .

      فالرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بما يريد إخبارهم به ، وهو أقدرهم على بيان ذلك والإفصاح عنه ، وهو أحرصهم على هداية الخلق ، وأشدهم إرادة لذلك ، فلا يمكن أن يقع في كلامه شيء من النقص والقصور ؛ بخلاف كلام غيره ؛ فإنه لا يخلو من نقص في أحد هذه الأمور أو جميعها ، فلا يصح أن يعدل بكلامه كلام غيره فضلا عن أن يعدل عنه إلى كلام غيره ؛ فإن هذا هو غاية الضلال ، ومنتهى الخذلان .




      الخدمات العلمية