الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكذلك مطلق قول الحافظ أبي نصر الوايلي السجزي: أجمع أهل العلم الفقهاء وغيرهم على أن رجلا لو حلف بالطلاق: أن جميع ما في كتاب البخاري مما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قد صح عنه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاله لا شك فيه - أنه لا يحنث، والمرأة بحالها في حبالته.

وكذلك ما ذكره أبو عبد الله الحميدي في كتابه (الجمع بين الصحيحين) من قوله: "لم نجد من الأئمة الماضين - رضي الله عنهم أجمعين - من أفصح لنا في جميع ما جمعه بالصحة إلا هذين الإمامين".

[ ص: 277 ]

التالي السابق


[ ص: 277 ] 21 - قوله: (وكذلك مطلق قول الحافظ أبي نصر الوايلي السجزي: أجمع أهل العلم الفقهاء وغيرهم على أن رجلا لو حلف بالطلاق: أن جميع ما في كتاب البخاري مما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قد صح عنه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاله لا شك فيه - أنه لا يحنث، والمرأة بحالها في حبالته) انتهى.

وما ذكره الوايلي لا يقتضي أنه لا يشك في صحته ولا أنه مقطوع به؛ لأن الطلاق لا يقع بالشك، وقد ذكر المصنف هذا في شرح مسلم له، فإنه حكى فيه عن إمام الحرمين أنه لو حلف إنسان بطلاق امرأته: إن ما في كتاب البخاري ومسلم مما حكما بصحته من قول النبي صلى الله عليه وسلم - لما ألزمته الطلاق ولا حنثته؛ لإجماع علماء المسلمين على صحتهما.

ثم قال الشيخ أبو عمرو: "ولقائل أن يقول: [ ص: 278 ] إنه لا حنث ولو لم يجمع المسلمون على صحتهما للشك في الحنث، فإنه لو حلف بذلك في حديث ليس هذه صفته لم يحنث، وإن كان راويه فاسقا، فعدم الحنث حاصل قبل الإجماع، فلا يضاف إلى الإجماع".

ثم قال الشيخ أبو عمرو: "والجواب أن المضاف إلى الإجماع وهو: القطع بعدم الحنث ظاهرا وباطنا، وأما عند الشك فمحكوم به ظاهرا مع احتمال وجوده باطنا، فعلى هذا يحمل كلام إمام الحرمين فهو الأليق بتحقيقه".

وقال النووي في شرح مسلم: "إن ما قاله الشيخ في تأويل كلام إمام الحرمين في عدم الحنث فهو بناء على ما اختاره الشيخ، وأما على مذهب الأكثرين فيحتمل أنه أراد أنه لا يحنث ظاهرا، ولا نستحب له التزام الحنث حتى يستحب له الرجعة، كما إذا حلف بمثل ذلك في غير الصحيحين فإنا لا نحنثه، لكن نستحب له الرجعة؛ احتياطا؛ لاحتمال الحنث، وهو احتمال ظاهر".

قال: وأما الصحيحان فاحتمال الحنث فيهما في غاية من الضعف، فلا نستحب له الرجعة؛ لضعف احتمال موجبها.




الخدمات العلمية