الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن التسمية سنة فهي سنة في الوضوء والغسل والتيمم مبتدئا بها على طهارته فإن نسيها في الابتداء ؟ . قال الشافعي رضي الله عنه في القديم يسمي إذا ذكرها في ابتداء الطهارة أو آخرها .

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ثم يفرغ الماء من إنائه على يديه فيغسلهما ثلاثا " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال غسل الكفين ثلاثا قبل إدخالهما الإناء سنة على كل متوضئ أو مغتسل وليس بواجب وهو قول الجمهور ، وقال الحسن بن أبي الحسن البصري : غسل الكفين قبل إدخالهما الإناء واجب على من قام من النوم فإن غمسهما في الإناء قبل غسلهما نجس الماء سواء تيقن نجاسة كفيه أم لا ، وقال داود : غسلهما واجب لكن لا ينجس الماء بترك الغسل إلا أن يعلم نجاسة كفيه .

                                                                                                                                            [ ص: 102 ] وقال أحمد بن حنبل : غسلهما واجب على من قام من نوم الليل دون النهار ولا ينجس الماء بترك الغسل ما لم يتيقن النجاسة .

                                                                                                                                            واستدلوا جميعا بحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده " ، فحمله الحسن وداود على كل قائم من النوم لعموم اللفظ ، وحمله أحمد على نوم الليل لقوله : فإنه لا يدري أين باتت يده والبيات يكون في الليل دون النهار .

                                                                                                                                            ودليلنا قوله تعالى : إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم [ المائدة : 6 ] وقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي : " توضأ كما أمرك الله اغسل وجهك وذراعيك " ، فلم يقدم في الآية ، والخبر على الوجه فرضا ؛ ولأن ما لم يلزم غسله في وضوئه من غير النوم لا يلزم غسله في وضوئه من النوم أصله سائر الجسد .

                                                                                                                                            ولأنها طهارة عن حدث فوجب ألا تلزم تكرار بعض الأعضاء فيها كالتيمم ، فأما الجواب عن الخبر فهو أن ما ذكر فيه من التعليل دليلنا على حمله على الاستحباب دون الإيجاب ؛ لأنه أمر بغسل اليد خوف النجاسة وهو قوله : فإنه لا يدري أين باتت يده لأن القوم كانوا يستعملون الأحجار وينامون فيعرقون ، وربما حصلت أيديهم موضع النجاسة فنجست وهذا متوهم ، وتنجيسها شك وما وقع الشك في تنجيسه لم يجب غسله وإنما يستحب .

                                                                                                                                            وقد روي أن قيسا الأشجعي قال لأبي هريرة : فكيف بنا إذا أتينا مهراسكم هذا ، فقال : أعوذ بالله من شرك يا قيس .

                                                                                                                                            ولو كان غسل اليدين واجبا على من أراد إدخالهما في الإناء لوجب على من لم يدخلهما في الإناء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية