الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
، وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضا بيضاء على أن يزرعها المدفوعة إليه فما أخرج الله منها من شيء فله منه جزء من الأجزاء فهذه المحاقلة ، والمخابرة ، والمزارعة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحللنا المعاملة في النخل خبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمنا المعاملة في الأرض البيضاء خبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن تحريم ما حرمنا بأوجب علينا من إحلال ما أحللنا ولم يكن لنا أن نطرح بإحدى سنتيه الأخرى ولا نحرم بما حرم ما أحل كما لا نحل بما أحل ما حرم ولم أر بعض الناس سلم من خلاف النبي صلى الله عليه وسلم من واحد من الأمرين لا الذي أحلهما جميعا ولا الذي حرمهما جميعا فأما ما روي عن سعد وابن مسعود أنهما دفعا أرضهما مزارعة فما لا يثبت هو مثله ولا أهل الحديث ، ولو ثبت ما كان في أحد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة وأما قياسه وما أجاز من النخل ، والأرض على المضاربة فعهدنا بأهل الفقه يقيسون ما جاء عمن دون النبي صلى الله عليه وسلم على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما أن يقاس سنة النبي صلى الله عليه وسلم على خبر واحد من الصحابة كأنه يلتمس أن يثبتها بأن توافق الخبر عن أصحابه فهذا جهل إنما جعل الله عز وجل للخلق كلهم الحاجة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو أيضا يغلط في القياس ، إنما أجزنا نحن المضاربة ، وقد جاءت عن عمر وعثمان أنها كانت قياسا على المعاملة في النخل فكانت تبعا قياسا لا متبوعة مقيسا عليها ، فإن قال قائل فكيف تشبه المضاربة المساقاة ؟ قيل النخل قائمة لرب المال دفعها على أن يعمل فيها المساقي عملا يرجى به صلاح ثمرها على أن له بعضها فلما كان المال المدفوع قائما لرب المال في يدي من دفع إليه يعمل فيه عملا يرجو به الفضل جاز له أن يكون له بعض ذلك الفضل على ما تشارطا عليه ، وكان في مثل المساقاة فإن قال فلم لا يكون هذا في الأرض ؟ قيل الأرض ليست بالتي تصلح فيؤخذ منه الفضل إنما يصلح فيها شيء من غيرها وليس بشيء قائم يباع ويؤخذ فضله كالمضاربة ولا شيء مثمر بالغ فيؤخذ ثمره كالنخل وإنما هو شيء يحدث فيها ، ثم بتصرف لا في معنى واحد من هذين فلا يجوز أن يكون قياسا عليها وهو مفارق لها في المبتدإ ، والمتعقب ، ولو جاز أن يكون قياسا ما جاز أن يقاس شيء نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فيحل به شيء حرمه كما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في المفسد للصوم بالجماع رقبة فلم يقس عليها المفسد للصلاة بالجماع وكل أفسد فرضا بالجماع .

التالي السابق


الخدمات العلمية