الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( والأفضل تعجيلها إلا في شدة الحر والغيم لمن يصلي جماعة ) اعلم أنه إذا انتفى الغيم وشدة الحر : استحب تعجيلها بلا خلاف أعلمه . وأما في شدة الحر : فجزم المصنف هنا أنها تؤخر لمن يصلي جماعة فقط ، وهو أحد الوجهين وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والبلغة ، والمحرر ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، والوجيز ، وإدراك الغاية ، وتجريد العناية وقدمه في الفصول . والنظم . والوجه الثاني : أنها تؤخر لشدة الحر مطلقا ، وهو المذهب جزم به في الحاوي الكبير واختاره المصنف ، والشارح ورجحه الترمذي ، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد ، والخرقي ، وابن أبي موسى في الإرشاد ، والقاضي في الجامع الكبير ، وابن عقيل في التذكرة ، والمصنف في الكافي ، والفخر في التلخيص وغيرهم لإطلاقهم وقدمه في الفروع . وأطلقهما ابن تميم والرعاية الكبرى ، والفائق ، وشرط القاضي في المحرر مع الخروج إلى الجماعة كونه في بلد حار . قال ابن رجب في شرح البخاري ، اشترط ذلك طائفة من أصحابنا ، وقال : ومنهم من يشترط مسجد الجماعة فقط . انتهى . وشرط ابن الزاغوني كونه في مساجد الدروب .

فائدة :

قال ابن رجب في شرح البخاري . اختلف في المعنى الذي من أجله أمر بالإبراد . فمنهم من قال : هو حصول الخشوع فيها . فلا فرق بين من يصلي وحده أو في جماعة . ومنهم من قال : هو خشية المشقة على من بعد من المسجد بمشيه في الحر . فتختص بالصلاة في مساجد الجماعة التي تقصد من الأمكنة المتباعدة [ ص: 431 ] ومنهم من قال : هو وقت تنفس جهنم . فلا فرق بين من يصلي وحده أو في جماعة : انتهى .

تنبيه :

فعلى القول بالتأخير إما مطلقا ، وإما لمن يصلي جماعة . قال جماعة من الأصحاب : يؤخر ليمشي في الفيء . منهم صاحب التلخيص ، وقال المصنف ، ومن تبعه : يؤخر حتى ينكسر الحر . وقال ابن الزاغوني : حتى ينكسر الفيء ، ذراعا ونحوه . وقال جماعة ، منهم صاحب الحاوي الكبير إلى وسط الوقت . وقال القاضي : بحيث يكون بين الفراغ من الصلاتين آخر وقت الصلاة فضل . واقتصر عليه ابن رجب في شرح البخاري . وأما تأخيرها مع الغيم : فالصحيح من المذهب : أنه يستحب تأخيرها نص عليه . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والنظم ، والوجيز ، وإدراك الغاية ، وتجريد العناية ، والمنور ، والمنتخب ، والحاوي الصغير ، والإفادات وصححه في الحاوي الكبير ، واختاره القاضي وقدمه في الرعايتين ، وابن عبيدان ، ومجمع البحرين ، وشرح المجد ونصروه . وعنه لا يؤخر مع الغيم ، وهو ظاهر كلام الخرقي ، وصاحب الكافي ، والتلخيص ، والبلغة ، وجماعة ، لعدم ذكرهم لذلك . وإليه ميل المصنف ، والشارح . وأطلقهما في الفروع ، وابن تميم ، والفائق .

تنبيه : قوله ( في الغيم لمن يصلي جماعة ) هو الصحيح من المذهب وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والمحرر ، والوجيز ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . وقاله القاضي وغيره . وقيل : يستحب تأخيرها سواء صلى في جماعة ، أو وحده . قال المجد في شرحه : ظاهر كلام أحمد : أن المنفرد كالمصلي جماعة ، وهو ظاهر نهاية ابن رزين . قلت : وهذا ضعيف . وأطلقهما في الفروع ، والرعاية الكبرى . فعلى القول بالتأخير إما مطلقا أو لمن يصلي جماعة قال ابن الزاغوني : يؤخر [ ص: 432 ] إلى قريب من وسط الوقت ، وقال في الحاوي : تؤخر لقرب وقت الثانية .

التالي السابق


الخدمات العلمية