الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2029 - وعن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال : يا رسول الله إني أجد بي قوة على الصيام في السفر ، فهل علي جناح ؟ قال : " هي رخصة من الله - عز وجل - فمن أخذ بها فحسن ، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه " رواه مسلم .

التالي السابق


2029 - ( وعن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجد بي قوة ) أي : زائدة ( على الصيام في السفر ، فهل علي جناح ) أي : إثم أو بأس بالصوم أو الفطر ( قال : " هي " ) أي : الإفطار " رخصة " وتأنيث الضمير لتأنيث الخبر " من الله - عز وجل - " فإن الصوم عزيمة منه - تعالى - لقوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه وقال الطيبي : قوله " هي رخصة " الضمير راجع إلى معنى السؤال ، أي هل علي إثم أن أفطر ؟ فأنثه باعتبار الخبر كما في قوله من كانت أمك ، ويحتمل أن السائل قد سمع أن الإفطار في السفر عصيان كما في حديث جابر أولئك العصاة ، فسأل : هل علي جناح أن أصوم لأني قوي عليه ؟ فقال : لا ، لأن الإفطار رخصة ، فلفظ الحسن يقوي الوجه الأول ، فإن العصيان إنما هو في رد الرخصة لا في إتيانها ، وقال ابن حجر : يحتمل أن مراده فهل علي جناح في الفطر لأني قوي ؟ والرخصة للضعيف ، أو في الصوم لأن الفطر رخصة ، وقد تكون واجبة وقوله هي أي تلك الفعلة أو الخصلة المذكورة وهي الإفطار في السفر ، وأنث ضميره وتأنيث الضمير لتأنيث الخبر " فمن أخذ بها " أي : بالرخصة " فحسن " أي : فعله حسن مرضي لا جناح عليه للحديث الآخر " إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه " ومن أحب أن يصوم " وفي مغايرة العبارة بين الشرطين إشارة لطيفة إلى فضيلة الصوم " فلا جناح عليه " كان ظاهر المقابلة أن يقول فحسن أو فأحسن لقوله - تعالى - وأن تصوموا خير لكم بل مقتضى كون الأول رخصة والثاني فحسن لكن أريد المبالغة لأن الرخصة إذا كانت حسنا فالعزيمة أولى بذلك ، ولعله - عليه السلام - علم بنور النبوة أن مراد السائل بقوله : فهل علي جناح ، أي : في الصوم ، ويدل عليه المقدمة المتقدمة من قوله : إني أجد بي قوة على الصيام ، وكذا ما سبق من حديثه في أول الباب ، والله - تعالى - أعلم بالصواب ( رواه مسلم ) .



الخدمات العلمية