الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
[ ص: 465 ] ( تنبيهات )

( أحدها ) منع قوم وجوب لزوم مذهب معين ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى المصرية : تنازع المتأخرون من أصحاب الإمام أحمد والإمام الشافعي وغيرهما هل على العامي أن يلتزم مذهبا واحدا بعينه من مذاهب الأئمة المشهورين بحيث يأخذ بعزائمه ؟ ورخصه على قولين ، قال : والمشهور أنه لا يجب كما أنه ليس له أن يقلد في كل مسألة من يوافق غرضه ، وليس له أن يقلد في المسألة الواحدة إذا كان الحق له من لا يقلده إذا كان الحق عليه ، بل عليه باتفاق الأئمة أن يعدل بين نفسه وغيره في الأقوال ، فإذا اعتقد وجوب شيء أو تحريمه اعتقد ذلك عليه وعلى من يماثله كشفعة الجوار ، فليس له ثبوت الشفعة إذا كان هو الطالب وانتفاؤها إذا كان هو المطلوب كما يفعله أهل الهوى متابعة للهوى لا مراعاة للتقوى .

وقال في مواضع أخرى : التمذهب بمذهب بحيث يأخذ برخصه وعزائمه طاعة غير النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل أمره ونهيه ، وهو خلاف الإجماع . وتوقف أيضا في جواز ذلك فضلا عن وجوبه ، وقال : إن خالفه لقوة الدليل أو زيادة علم أو تقوى فقد أحسن ، ولم يقدح ذلك في عدالته بلا نزاع . وقال : بل يجب في هذه الحال له وأنه نص الإمام . وكذا قال القدري الحنفي : ما ظنه أقوى فعليه تقليده فيه ، وله الإفتاء به حاكيا مذهب من قلده . وقال صدر الوزراء عون الدين أبو المظفر بن هبيرة : إنه من مكايد الشيطان أن يقيم أوثانا في المعنى تعبد من دون الله مثل أن يتبين له الحق ، فيقول : هذا ليس بمذهبنا تقليدا لمعظم عنده قد قدمه على الحق . وقال أبو محمد بن حزم : أجمعوا على أنه لا يحل للحاكم ولا المفتي تقليد رجل فلا يحكم ولا يفتي إلا بقوله . انتهى . والأشهر الآن عليه أن يتمذهب بمذهب ، قال ابن حمدان في الرعاية : هذا الأشهر فلا يقلد غير أهله . وقال في آداب المفتي : يجتهد في أصح المذاهب فيتعبد ، وقطع الكبار بلزوم التمذهب بمذهب ، قال الإمام النووي : هذا كلام الأصحاب ، والذي يقتضيه الدليل أنه لا يلزمه . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية