الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                149 ص: وحجة أخرى: أنا رأيناهم لم يختلفوا أن ما أدبر منهما يمسح مع الرأس، واختلفوا فيما أقبل منهما على ما ذكرنا، فنظرنا في ذلك، فرأينا الأعضاء التي اتفق على فرضها في الوضوء هي: الوجه، واليدان، والرجلان، والرأس، فكان الوجه يغسل كله، وكذلك اليدان، وكذلك الرجلان، ولم يكن حكم شيء من تلك الأعضاء خلاف حكم البقية، بل جعل حكم كل عضو منها حكما واحدا فجعل مغسولا كله أو ممسوحا كله، واتفقوا أن ما أدبر من الأذنين فحكمه المسح، فالنظر على ذلك أن يكون ما أقبل منهما كذلك، وأن يكون حكم الأذنين كله حكما واحدا كما كان سائر الأعضاء التي ذكرنا; فهذا هو وجه النظر في هذا الباب، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمهم الله.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي "حجة أخرى" عقلية، وارتفاعها بالابتداء، وخبرها قوله: "إنا رأيناهم" أي أهل المقالتين، وهذه ظاهرة، ولكن قيل: هذا النظر ليس بمستقيم; لأن الأذنين ليستا من الأعضاء الأربعة التي اتفق على فرضيتها حتى يلزم أن يكون حكمهما حكما واحدا، فنقول: لا يضرنا ذلك; لأن حقيقة وجه النظر هو أن الوضوء ليس فيه عضو -سواء كان عضو الفرض كالأعضاء الأربعة أو عضو السنة كالرقبة- يختلف حكمه بأن يمسح بعضه ويغسل بعضه، بل إما يغسل كله وإما [ ص: 300 ] يمسح كله، فالنظر على [ذلك] ينبغي أن تكون الأذنان مما يمسح كله ؛ قياسا على نظائرها.

                                                قوله: "وهو قول أبي حنيفة " أي وجه النظر الذي اقتضى أن يكون ما أقبل من الأذنين وما أدبر منهما من الرأس فيمسحان معها، هو قول أبي حنيفة .




                                                الخدمات العلمية