الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

2035 - عن مالك بلغه أن ابن عمر كان يسأل : هل يصوم أحد عن أحد ؟ أو يصلي أحد عن أحد ؟ فيقول : لا يصوم أحد عن أحد ، ولا يصلي أحد عن أحد ، رواه في الموطأ .

باب صيام التطوع

التالي السابق


الفصل الثالث

2035 - ( عن مالك بلغه أن ابن عمر كان يسئل ) على صيغة المجهول ( هل يصوم أحد عن أحد أو يصلي أحد عن أحد ؟ فيقول : لا يصوم أحد عن أحد ) أي : بدلا عنه ( ولا يصلي أحد عن أحد ) في شرح السنة : هذا مذهب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة ، وذهب قوم إلى أنه يصوم عنه وليه ، وبه قال أحمد ، وقال الحسن : إن [ ص: 1409 ] صام عنه ثلاثون رجلا كل واحد يوما جاز ، واتفق أهل العلم على أنه لا كفارة للصلاة ، وهو قول الشافعي ، وقال أصحاب أبي حنيفة : إنه يطعم عنه ، وقال قوم : يصلي عنه اهـ . فكأنه أراد بالاتفاق اتفاق الشافعية فإنهم اختلفوا في الصوم ( رواه ) أي : مالك ( في الموطأ ) وتقدم الكلام على ما يرد على المصنف في هذه العبارة ، قال ابن الهمام : وجه قول الشافعي ما في الصحيحين عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها ؟ فقال : " لو كان على أمك دين أكنت تقضيه عنها ؟ " قال : نعم ، قال : " فدين الله أحق " قلنا : الاتفاق على صرفه عن ظاهره فإنه لا يصح في الصلاة الدين ، وقد أخرج النسائي عن ابن عباس وهو راوي الحديث في سننه الكبرى أنه قال : لا يصلي أحد عن أحد ، ولا يصوم أحد عن أحد ، وفتوى الراوي على خلاف مرويه بمنزلة روايته للناسخ ، ونسخ الحكم يدل على إخراج المناط عن الاعتبار ، وقد روي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - نحوه ، أخرجه عبد الرزاق ، وذكره مالك بلاغا في الموطأ قال مالك : لم أسمع عن أحد من الصحابة ولا من التابعين بالمدينة أن أحدا منهم أمر أحدا يصوم عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد اهـ . وهذا مما يؤيد النسخ وأنه الأمر الذي استقر عليه الشرع ، آخرا اهـ . وأما ما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن من البر بعد البر بالوالدين أن تصلي لهما مع صلاتك وتصوم لهما مع صومك " مع أنه حديث معضل مرسل ، قيل : المراد أنه يدعو لهما ، قال المحب الطبري من متأخري الشافعية : ويصل للميت ثواب كل عبادة فعلت عنه واجبة أو مندوبة ، وكتب أصحابنا الحنفية خاصة على أن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو غيرها ، بل عبارة كثير منهم أن هذا مذهب أهل السنة والجماعة .




الخدمات العلمية