الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالث والعشرون من القوادح ( مخالفة حكم الفرع لحكم الأصل ) بعد تسليم علة الأصل في الفرع . مثاله : أن يقيس المستدل النكاح على البيع ، أو البيع على النكاح في عدم الصحة بجامع في صورة ، فيقول المعترض : الحكم يختلف ، فإن عدم الصحة في البيع حرمة الانتفاع بالمبيع ، وفي النكاح حرمة المباشرة ( وجوابه ببيان اتحاد الحكم عينا ، كصحة البيع على النكاح ، والاختلاف عائد إلى المحل ) يعني أن البطلان شيء واحد . وهو [ ص: 569 ] عدم ترتب المقصود من العقد عليه ، وإنما اختلف المحل بكونه بيعا ونكاحا .

واختلاف المحل لا يوجب اختلاف ما حل فيه ( واختلافه ) أي اختلاف المحل ( شرط فيه ) يعني أن اختلاف المحل شرط في القياس ضرورة . فكيف يجعل شرطه مانعا منه ؟ ، ( أو ) يجيبه ببيان اتحاد الحكم ( جنسا ، كقطع الأيدي باليد ، ك ) قتل ( الأنفس بالنفس ) يعني أن قطع الأيدي باليد مقاس على قتل الأنفس بالنفس الواحدة ( وتعتبر مماثلة التعدية ) قال ابن مفلح : وتعتبر مماثلة التعدية ، ذكره في الروضة وغيرها . وذكره القاضي ومثله بقول الحنفية في ضم الذهب إلى الفضة في الزكاة : كصحاح ومكسرة . فالضم في الأصل بالأجزاء ، وفي الفرع بالقيمة عندهم ، ثم لما نصر القاضي جواز قلب التسوية ; لأن الحكم التسوية فقط ، كقياس الحنفية طلاق المكره على المختار . فيقال : فيجب استواء حكم إيقاعه وإقراره ، كالمختار . قال فعلى هذا يجوز قياس الحنفية المذكور ، ومن منع هذا القلب لتضاد حكم الأصل والفرع لم يجزه لاختلافهما . قال بعض أصحابنا فصار له قولان : ( وإن اختلف ) الحكم ( جنسا ونوعا ك ) قياس ( وجوب على تحريم ، و ) كقياس ( نفي على إثبات ) أي بالعكس . ( ف ) قياس ( باطل ) وذلك ; لأن الحكم إنما شرع لإفضائه إلى مقصود العبد ، واختلافه موجب للمخالفة بينهما في الإفضاء إلى الحكمة ، فإن كان بزيادة في إفضاء حكم الأصل إليها : لم يلزم من شرعه شرع الحكم في الفرع ; لأن زيادة الإفضاء مقصودة ، ويمتنع كون حكم الفرع أفضى إلى المقصود ، وإلا كان تنصيص الشارع عليه أولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية